الخميس، 2 نوفمبر 2017

( حتى أنا ) ( رسالة إلى تلك الشرقية . .... ) بقلم / عابر سبيل د. مهندس / إياد الصاوي.

( حتى أنا ) ( رسالة إلى تلك الشرقية . .... ) 
بقلم / عابر سبيل د. مهندس / إياد الصاوي.

جلستُ إلى أعضائي وقد علا ضجيجُهم .. ورفعوا عقائرهُم .. واشتدَّ صَخبُهم .. إذ 
كلهُم يدَّّعى أنه يُحبها أكثرَ من صاحبه . ولما كانتِ الحالةُ هذه تَحتَّم علىّ أن أَفُضَّ 

نِزاعهم وأقضى بينهم .. فجعلت أُسكِّنُ غضبهم فمازلتُ بهم حتى سَكنوا ... فقلت :
خبّروني ما الحكاية؟؟... فانطلق اللسان بلا استئذان فأجاب : تنازعنا حُبَها وكلٌّ 
مِنا يزعمُ أنه أشدُ حباً لها من صاحبه .. فاقْْضِ بيننا أيُّنا يحبُها ؟! فقلت : قانونُ
العدلِ يقضى على المُدَّعِى البَيّنة .. فالدعاوىِ إنْ لم يُقِم أهلُها عليها دليلاً فأهلُها
أدعياءُ .. قالوا : قد رضينا بحكومتِك .. قلتُ : فاجلسوا منى مجلس الخُصماء ..
وليمضِ عليكم قانونُ القضاء. ولا يتكلم عضوٌ من تلقاءِ نفسه إلا إذا كان مأذوناً له 
في الكلام ..


فأخذوا مجالسهم وأجمعوا أمرَهُم
فقلتُ : أيُّها اللسان قال : لبيك .. قلت تكلم
قال : أنا أشدُّ حباً لها من إخوتي ... وأما دليل ذلك : فلا يبلغ الحِسُّ إلا ببياني ولا 
البوح إلا في ميداني .. فعن حبها أعرب .. والشوق لي مأرب.

قلت : أيتها العينُ .. فقالت : لبيك .. قلت : تكلمي
قالت : لغتي للحبِ معلومة .. ووجدي من مرأى حبيبتي مفهومه .. أبرُقُ حين 
أراها .. مع أنى لا أرى سواها .. وبمدامعي نجواها.

قلت : أيتها الأذن .. فقالت : لبيك .. قلت : تكلمي
فقالت : صوتها صدى .. وهمسُها يبلغ المدى .. وهل يكون حب بدوني .. فأنا
لكلامها ناقله .. ولحنين همسها مستقبله.

قلت أيتها الشرايين .. قالت لبيك ... قلت تكلمي
فقالت : نحن مجارى اسمها ... ومعالم رسمها .. فبحبها الدم يدفق .. ومن غيرنا 
لم يكن قلب يخفق.

قلت : أيها الخاطر .. فقال لبيك .. قلت تكلم
فقال : هي تسكنني وليس لها سكن سواى في الحضور والغياب .. والحقيقة 
والارتياب .

قلت : أيها القلب .. فقال : لبيك .. قلت: تكلم
قال : عجبتُ لهؤلاء كيف يدَّعون حبها .. وحبها عنى قد صدر .. ولكافتهم قد أمر
.. لما حلّت بداخلي ... واستطابت منزلي .. أمرتُ العينَ فلمعت .. والأذنَ فأنصتت
.. والخواطر فتهدهدت .. والدماءَ فتدفقت .. واللسان فأبان عن حبها الذي كان .. 
فكلهم لي خدم .

فلما تكلم القلبُ كلهم وَجَم
فقلت : الحكمُ بعد المداولة ....
فجعلوا يكتوون بِحرِّ الانتظار .. ويترقبون ما القرار؟؟
فقلبّت كلامهم .. وأمعنتُ النظرَ في حُججهِم .. ثم قلت : الآن تسمعون الحكم
.. فانقلبوا يشخصون إلىّ كأنهم الصم البكم .

قلت: قد حكمتُ .. كلكم يحبها .. ( حتى أنا ) ... رفعت الجلسة .
Image may contain: 1 person, close-up

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق