أشوف وشك بخير ، بقلم وألوان :*خالد سليمان
**************************************************
الفراق ذوقه رفيع جدا ،
فهو لا يختار من بستان حياتنا ، إلا وردة الورد وأعزّها علينا ،
ويختار أحن القلوب وأحلى المشاعر التي تدفئ حياتنا ،
كم أحسدك أيها الفراق على إحساسك العالي !!! ،
فأنت تتجسس على حياتنا ،
وتقترب بأنفاسك من خدودنا ،
وتقترب بأذنيك نحو قلوبنا لتسمع دقاتها جيدا ،
وتشاهد بعينيك من تدق له القلوب ومن تبتسم ،
وعندها تعرف من نحب ،
وعندما تعلم مساحة مشاعرنا العظيمة نحوه ؛
تهيّئ سكينك لتقطع حبال الود وتردم نهر الحب ، وتطفئ شمعة المشاعر ،
تتقدّم كجزار غليظ يتقدم بسكينه أمام عين الضحية ،
وتمتلئ سعادة ونظرات الانكسار تطلّ من عينيها
كم أنت مسكين أيها القلب !
تراقب ذلك الجزار وهو يتقدّم نحوك ويلوي عنقك ،
ويشحذ سكينه الباردة على عنقك مرات ومرات
ولا يرحم توسلاتك ودموعك
مسكين هذا القلب الذي تحوّل لوردة طيّبة تدوسها الأقدام
مسكين هذا القلب تسافر الطعنات فيه وهو مبتسم لا يظهر من ألمه شيئا
مسكين هذا القلب تبيت الطعنة فيه ومن شدة الألم تخرج دمعة ،
وعندما يسأله من حوله : لماذا هذه الدموع ؟؟؟
فيبتسم قائلا : أبدا إن الجوّ به غبار ،
مسكين هذا القلب تعتصره الأحزان والآلام وحينما تفلت آهة من بين شفتيه ،
ويسأله من حوله : ما سرّ تلك الآهة ؟ ولم الألم ؟؟
فيقول : لست أنا ربما يكون غيري
وعندما يخلو المكان ويخرج إلى شارع الضباب الحزين ،
يغرق في بحر الدموع ويعزف سيمفونية الألم ،
ومع أول ظهور لشبح يقترب منك يا قلبي ؛ تتجلّد كصخرة وتتصنّع الابتسامة ،
مسكين هذا القلب ، يحتفظ بدفاتر الأحبة الذين فارقوا على وعد اللقاء ،
لقد فارق كل واحد منهم على وعد أن يلقاه وختم عباراته بقوله : أشوف وشّك بخير
ياااااااااه كم أخاف من هذه العبارة
جملة تحولت إلى شجرة شوك في حياتي
تذكرت من آلام شوكها ، تذكرت من زرعها ؟؟؟؟
إنه الفراق ، زارع الشوك ، زارع الألم
فلاح أنيق الملابس مسلّح بآلات الحصاد التي تذبح سنابل الأمل ،
وهو نفسه الجزار الغليظ الذي يختار أجمل وردة في حياتنا
ولا يشعرنا أنه سيقطع عنقها ، بل يختال أمامنا كطفل بريء
ويحوم في حياتنا حتى يجد أحنّ القلوب ، وأجمل القلوب وأدفأ المشاعر
ثم فجأة يمزّق ثوب الطفولة ليظهر الجزار القصاب الدموي
ويلوي عنق وردة القلب أمامنا
ومن ذهول القلب لا يدري كيف ينقذها سوى بالذهول والصمت
وبعد أن يفيق يحزن وينكسر
وبعد ملح الحزن وحمض الانكسار
يدخل في نوبة بكاء صامت لا دموع ، فدموع القلب داخلية
ويفتح دفتر الذكريات على أمل أن يعود الغائب
ويتحول القلب لشجرة الخريف الجرداء
على أمل أن تعود وردة الربيع إلى أغصانها الجرداء
ولكن هل تعود وردة الربيع ؟
وهل يعود الورق الأخضر إلى أغصان عذّبها برد الخريف وثلج الشتاء ؟
وتظل كلمات هل تعود ؟ هل تعود ؟
وعيون القلب تطلّ من شبّاك الحياة لتنظر هل من آت على الطريق ؟
هل من آت على الطريق ؟؟
هل من آت على الطريق
وتغيب الشمس ، ومن بعدها ألف شمس ،
وسبحان الله تعود الشمس ، والغائب لا يعود ،
ومن فارق لا يعود ، ويعيش القلب على أمل كاذب سكره أحلى ألف مرة من ملح الصدق ،
يعيش على سكر : أشوف وشك بخير

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق