قصة قصيرة بقلم خيرة الساكت من تونس
[ مقبرة العبيد ]
تلطم سعدية وجهها و تصرخ باكية زوجها جابر
الذي مات و تركها في نصف الطريق مع طفلة لم تتجاوز السنتين..
أسرت أختها في أذنها " توقفي عن البكاء و فكري كيف ستحصلين على نصيبك من الميراث ..مات جابر الذي أحبك لكن عائلته لم تعترف بك يوما ، عودي إلينا و تزوجي رجلا من أبناء جنسك هيا يا أختي .."
-" اتركيني و شأني ، مات جابر و لن أستطيع حتى قراءة الفاتحة على قبره سيدفنونه في مقبرة البيض و لن يسمح لي بزيارته .."
واصلت سعدية نحيبها وسط الحاضرين الممتعضين والذين لايبدو على وجوههم الحزن.
اقتحم والد جابر المنزل صارخا " أفسحوا الطريق سنأخذ الميت إلى المقبرة "
حانت منه التفاتة إلى سعدية " ألازلت هنا أيتها السوداء اللعينة ! هيا أخرجي من منزل ابني و خذي قردتك معك يا وجه الشؤم "
**********
قام فؤاد المحامي عن مقعده للتسليم على عمه الذي بادره بالصراخ في وجهه :
-" سمعت أن تلك البومة السوداء قد زارتك ، مؤكد أنها تريد نهب ثروة ابني ، أليس كذلك ؟"
- " هدئ من روعك يا عمي ! لا تنسى أنها زوجة جابر الغالي و لديها الحق في أموال زوجها هي و ابنتها . لقد أوصى ابنك بذلك ..
لا يحق لي أن أفشي أسرار موكلتي و لكن سعدية لم تطلب نصيبها من الميراث بل جاءت من أجل أمر آخر.."
ارتمى والد جابر على ابن أخيه و أمسكه من عنقه مهددا :
- " أعطني الوصية التي تركها إبني و إلا هدمت هذا المكتب فوق رأسك .."
فتح فؤاد الدرج و رمى وصية جابر أمام عمه :
- " خذها فسعدية لا تهتم لأموالك ..لا دائم إلا وجه الله "
خرج العم متوعدا :
- " إذا اكتشفت أنك سجلت شيئا بإسم تلك القردة سأتسبب بشطب اسمك من دار المحامين .."
رد فؤاد كاظما غيضه :
- " اسمها عمادة المحامين ....اللعنة على هكذا ميراث ..! "
**********
في غفلة من حارس مقبرة البيض الذي دخل زاويته لينام ، تسللت سعدية إلى المكان ..مشت بين القبور بحذر إلى أن بلغت قبر الحبيب...جلست بجانبه تبتسم في حنو :
- " لم أجلب الورود معي لكني أتيتك بقلب مفعم بالشوق ...سنقطف الزهور البرية سويا و سنغرس أزهار القرنفل التي نحبها في حديقة المنزل ..سأنتبه لها إلى أن تتفتح أزهارها و تسكرنا بعطرها..
حبيبي لا تخشى شيئا سأحيا معك إلى الأبد.."
وضعت سعدية رأسها على القبر و استسلمت إلى رقاد عميق..
مع شروق الشمس وجد حارس المقبرة سعدية جثة هامدة و قد سال من فمها سم الفئران فوق قبر جابر...
أذاع الخبر في المدينة ...
دفنت سعدية في مقبرة العبيد بعد أن رفضت البلدية طلبها الذي تقدم به المحامي لدفنها بجانب زوجها ...
############تمت #############
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق