بسم الله الرحمن الرحيم
القصص الهادف
حُب عظيم
بقلم / أحمد عبد اللطيف النجار
أديب ومفكر مصري
$$$$$ ليست مجرد قصة $$$$$$
$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$
الحب العظيم يُولد دائماً من رحم المحنة والمعاناة والألم .. لكن أي معاناة وأي ألم ؟!.. إنه الألم النابع من ظلم ذوي القربى لك ، النابع من قسوتهم عليك وغِلظة قلوبهم !
يا إلهي أيمكن أن نقسو على فلذات أكبادنا إلى هذا الحد ؟!
والله أن الحيوانات الأليفة والمفترسة لا تفعل ما يفعله بني آدم بذوي رحمه ، لكنها الحياة التي هي دار ابتلاء وامتحان نرى فيها العجب العجاب ، من تلك الأعاجيب عايشت محنة الفتاة المسكينة المُعاقة ابتسام ، رأيت معاناتها وصدمتها من قسوة أبيها عليها ، ولنبدأ القصة من بدايتها ، تقول ابتسام :
عمري 40 عاماً ، تقدم لي وأنا في العشرين من عمري شاب ما زال في الدراسة ، ذلك هو عوض وقد رحبت به لكن أهله عارضوا اختياره لي لأنني أعاني من إعاقة قديمة في قدمي من أثر الإصابة بشلل الأطفال ... تمّسك بي عوض أكرمه الله وأصّر على خطبتي وتخلى في سبيل ذلك عن مساعدة أهله وضحّى كذلك بالشقة المخصصة لزواجه في بيت أبيه وتحمل حرمان أهله له من أية مساعدة مادية سواء في الشبكة أو المهر .... استمرت خطبتنا عامان تمكنّا خلالهما من الاستعداد لزواجنا وتعمقت المشاعر بيننا وتزوجنا وسعدنا بحياتنا معاً وأغدقت علي زوجي عوض طوفاناً من الحب والمشاعر وبادلني هو حب بحب أكبر ، ورزقنا المولي عز وجل بنتاً ثم ولد اكتملت بهما سعادتنا
فجأة واجهتنا أول مشكلة كبرى في حياتنا الزوجية إذ أصر مالك الشقة التي نستأجرها على أن نخليها ونتركها على الفور ونبحث عن مأوى آخر لنا ، ساعتها قررت بيع كل ما أملك من مصوغات ذهبية وأثاث وأجهزة منزلية لكي ندّبر شقة أخرى في المدينة التي نقيم فيها ... بعت كل شئ بالفعل وللأسف الشديد لم أجد مشتري لكل ذلك سوى أبي وأمي ، فقد اشتريا أشيائنا وقدما لنا الثمن !!
طلبت من أبي مساعدتنا وهو القادر مالياً لكنه رفض بغير أن يحصل على مقابل وكأنني لست ابنته !
انتقلت مع زوجي عوض وأولادي إلى المسكن الجديد وأقمنا فيه بلا أثاث وكنا ننام على مرتبة فوق السجادة ، وبالرغم من ذلك كنا في قمة السعادة بحياتنا معاً وبأبنائنا ، لكن كانت الحياة معنا قاسية إلى أقصى حد ، فلم تمض فترة طويلة حتى اكتشفنا أن منْ باع لنا الشقة لم يكن صاحبها الأصلي وأننا وقعنا ضحية لعملية نصب كبيرة وأصبحنا مُطالبين بترك الشقة وتسليمها لأصحابها ، ساعتها خرجنا للشارع أنا وزوجي وأولادي لا نعرف أين نذهب أو إلى أين نتجه ، ولم يرق لنا قلب أبي وأمي وفشلت كل محاولاتي معهما لكي يساعداننا علي تدبير سكن آخر لنا أو يقبلا استضافتنا لديهما مؤقتاً حتى نجد مأوى ، وفشلت كذلك محاولات زوجي عوض مع أهله في الحصول على أي عون منهم !
كانوا جميعاً يصّرون علي أن ننفصل ويرجع كل واحد إلي أهله كشرط لمساعدتنا ، لكننا لم نقبل هذا الشرط المجحف وتمّسك كل منّا بالآخر مهما كانت العواقب .... أمضينا عدة ساعات في الشارع بلا مأوى إلى
أن تعّطف علينا أبي في النهاية وسمح لنا بالإقامة في بيت مهجور مهّدم يملكه في أطراف المدينة ، وقبلنا ذلك شاكرين وذهبنا للبيت فوجدناه عبارة عن جدران منهارة بلا سقف ولا ماء ولا كهرباء ، وأعاننا الله علي أن نقوم بتغطية جزء منه بما يشبه السقف من الخشب ، وأقمنا فيه وكنا نحصل على حاجتنا من الماء من الجيران ونستضئ بلمبة جاز نصحح على ضوئها الشاحب كراريس التلاميذ حيث نعمل أنا وزوجي مدرّسان ... تحملنا هذا العناء صابرين راضين ما دمنا نحيا معاً وأولادنا بخير فإن كل شئ يهون !
شئ واحد فقط كان يُكّدر علينا صفو حياتنا البسيطة هو انتشار الفئران في المبني المُهّدم ، رُعِبنا منها وفَزِعنا من الثعابين ، فشكوت حالي لأمي ونقلت بدورها شكواي لأبي ، فجاء لزيارتنا ومعه جوال كبير يمسك به ، ساعتها فرحت كثيراً بزيارته وظننت أنه جاء ليرحمني من حياة الذل والهوان التي أعيشها ... رحّبت به بحرارة ، فإذا به يفتح الجوال أمامي وإذا بقطة كبيرة تخرج منه وتجري بين أكوام الحجارة والتراب التي تملأ البيت المُهّدم !
يا إلهي !... أتلك مساعدتك يا أبي لي في هذه الظروف القاسية التي أعيشها أنا وزوجي وأولادي ؟!
لقد جاء بقطة كبيرة كي تطارد الفئران والثعابين وتبعدها عنّا !... وقتها لم أتمالك نفسي وانفجرت في بكاء طويل ... مرّت الأيام ودخل الشتاء القاسي في برودته وأمطاره الغزيرة ، وعانينا الأمرّين من المطر الذي ينزل على رؤوسنا كالسيل حتي كنا نغطي أنفسنا عند النوم بأكياس البلاستيك !
كل ذلك يحدث بغير أن يرّق لنا قلب أبي أو والد زوجي ، فأبي يقسو علينا لأنه بطبعه بخيل ، ووالد زوجي يقسو على ابنه لعدم رضاه عن زواج ابنه من مُعاقة مثلي !... وبالرغم من ذلك فقد تحملنا وصمدنا لكل المصاعب والعقبات حتى لا يفرّق بيننا أحد ، عشنا في هذه الخربة أكثر من عام ونصف كانت من أقسى أيام عمري !
ثم رزقنا الله سبحانه وتعالي بشقة من شقق المحافظة حصلنا عليها تقديراً لظروفنا الصعبة ، وفرحنا بالشقة فرحة طاغية وانتقلنا إليها وكأنها كنز هبط علينا فجأة من السماء ، كان أول ما فعلناه بعد أن انتقلنا إليها أن أديت مع زوجي صلاة الشكر لله تعالى الذي أوانا بعد التشّرد ، وأعاننا على تحّمل قسوة الأيام الماضية بغير أن يتملكنا اليأس والقنوط من رحمة الله ، أو نفكر في الاستسلام لضغوط الأهل علينا للانفصال وعودة كل منا إلي أهله ، وأخيراً أخيراً عرفت طعم النوم العميق لأول مرة منذ ثلاث سنوات كنت أنام خلالها نوماً مضطرباً منقطع خوفاً من الفئران والحيّات !!
والحمد لله والمنة فقد تحسنت صحة الأولاد بالإقامة في الشقة الصحية التي تدخلها الشمس و يرفرف في جنباتها الهواء النقي !
واطمأن بال زوجي وواصلنا العمل بإخلاص وأعطانا الله من رزقه ، فبدأنا نؤثث الشقة قطعة ، قطعة وأخيراً أشرقت شمس حياتنا ، غير أن الأيام لم تترفق بنا بالرغم مما تحملناه من أكدارها ، فلقد تعرّضت لحادث سيارة أُصبت
فيه بكسور في ساقي السليمة وفي ساقي الأخرى المشلولة ، ووضع الأطباء نصفي الأسفل في الجبس لمدة عام كامل ، ثم خضعت للعلاج الطبيعي بعد فك الجبس لمدة عام ونصف حتى أتممت العلاج وانتهت المحنة الجدية التي استغرقت أكثر من ثلاث سنوات من عمري وقف زوجي الحبيب خلالها بجانبي ، أما أبي فلم يتأثر على الإطلاق ولم يزرني طوال محنتي إلا مرة واحدة وجاءني خلالها ويداه خاليتان من أية هدية أو حتى علبة شيكولاتة !
مرت الأيام وعدت إلي عملي وواصلت حياتي ورعايتي لأولادي وزوجي ، وكلما تذكرت ما مرّ بي من معاناة احمد ربي سبحانه وتعالي أنه قد عوّضني بأبنائي وزوجي الحبيب عوض الذي أحبه ويحبني ويجمع بيننا الودّ والإخلاص ، واصلنا كفاحنا حتي أكرمنا الله وحصلنا على شقة أوسع بمدخراتنا ، ومن عجائب المصادفات أن ذلك قد حدث في نفس الوقت الذي انتهى فيه أبي من بناء عمارته الجديدة التي سيقيم فيها والتي قرر أن يسكنها وحده وأمرنا نحن بناته المتزوجات ألا ندخلها أبداً !!
تلك هي قصتي مع الألم والمعانة والحرمان والحب العظيم .
*يا الله ... تلك ملحمة رائعة للصبر والرضي عشناها مع ابتسام ، تلك المرأة المؤمنة ... رأينا فيها كيف تغلبت على كل الصعاب التي قابلتها بالحب والإخلاص والتعاون مع زوجها المخلص عوض .
وإنني لأتعجب حقاً من موقف أبيها قاسي القلب ، متحجِّر المشاعر ، كيف هانت عليه ابنته المُعاقة إلي هذا الحد البشع ؟!!
وهل يكفي البُخل وحده لكي يدفع أباً مثله لأن يقبض يده عن إعانة ومساعدة ابنته المسكينة ؟!!
لقد قرر ذلك الأب المريض أن يعيش في عمارته الفارهة وحده ، ونسي أو تناسي أن الكفن ليس له جيوب تسع عمارته الفارهة ، وأن القبر متر × متر !
أية أبوة تلك .. أي قلوب صخرية هذه !!
إنه أب مريض في تفكيره ... مريض حتي في بُخله !
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحمد عبد اللطيف النجار
أديب ومفكر مصري
# إقرار علي مسئوليتي الشخصية والأدبية والمهنية .......
جميع الأسماء والأماكن الواردة بقصصي من بنات أفكاري ( يعني من وحي خيالي ) وإن
كانت الأحداث والوقائع حدثت بالفعل وحقيقية 100% ــ هدفي هو نشر نوع جديد و
مبتكر من الأدب الإسلامي والإنساني الواقعي يسمو بالروح إلي آفاق رحبة من الرقي والحب
والتسامح ونشر الوعي الإسلامي بين كل الفئات بأسلوب سهل بسيط لا تعقيد فيه ولا غموض
شباب هذا العصر لا يقرءون ولا يهتمون مطلقاً بالقراءة لانشغالهم بالانترنت والفيس بوك ذلك العالم السحري الذي لا حدود ولا أوطان له ‘ فصار العالم كله قرية صغيرة ،، وكان لابد من التفكير في إبداع أدب جديد يناسب تفكير شباب وفتيات القرن الحادي والعشرين ، وقد أخذت على عاتقي التفكير بجدية في ابتكار ذلك الأدب الهادف في سطور قليلة سريعة القراءة وفي نفس الوقت سريعة التأثير في النفس ، وقد وفقني المولي عز وجل في تأليف أكثر من 1500 قصة قصيرة أو ممكن تسميتها نصوص أدبية من الأدب الواقعي الذي يعالج نقائص النفس البشرية ويداوي جراحها !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق