الاثنين، 26 ديسمبر 2016

17 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية" يكتبها: يحيى محمد سمونة


17 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية"
يكتبها: يحيى محمد سمونة
إن غاية الثقافة بحسب ظني أن يستقيم و يصح بها سلوك المرء و أن يحسن من خلالها صناعة مستقبله ــ يحيى محمد سمونة ــ
لقد رأيتني و أنا أقرأ و ألتهم أية ورقة مكتوبة أجدها أمامي، و لكن القراءة في حد ذاتها مالم تكن ممنهجة و عن وعي فإنها لا تندرج البتة في خانة الثقافة، بمعنى أنها ـ أي القراءة غير الممنهجة ـ لاتصلح للارتقاء بسلوك المرء! فأنا قد قرأت مثلا في يوم ما مجلتي الموعد و الشبكة فلا أذكر أنني ازددت بهما سوى تراجعا وانحطاطا في سلوكي بل بسببهما ازداد الوضع النفسي عندي في ذلك الوقت سوءا و تدهورا بحكم تأجيج لهيب العواطف و الغرائز لدي الأمر الذي أدى بي إلى ضياع و حيدة عن جادة الصواب!
 لكن القراءة الممنهجة لا تعني فقط الالتزام و الوقوف على كل مادة فكرية و معرفية و علمية و الابتعاد عن أية مادة مبتذلة تروج و تسوق و تشبع شهوة و رغبة و متاع!
 إن سبب تهور حالتنا الثقافية كأمة ليس فقط طغيان المادة المبتذلة التي تروج لحياة رخيصة! بل، بعد أن أحكم قراصنة الهيكل قبضتهم على حياتنا الثقافية: ـ العلمية و المعرفية و الفكرية ـ فقد آلت أمورنا إلى تدهور مريع و لم نعد نسطر سلوكنا و أفعالنا على نحو صحيح و سليم و سوي و سديد! ذلك أن قراصنة الهيكل بعد أن اقتحموا المادة العلمية ادخلوا في و عينا و في قناعاتنا بأن البشرية قد غدا بمقدورها التحكم بمجريات الحركة الكونية!!! و هذا بدوره أدى بنا إلى التشكيك بقدرة الخالق على تصريف أمور الكون بما شاء و كيف شاء و أنى شاء!! [لقد قالوا لنا أن الخبراء قد غدوا قاب قوسين أو أدنى من إكتشاف أسرار الحياة و استنساخ الإنسان بمثل ما كان من استنساخ النعجة [دوللي]!
 أرأيتم كيف دخلوا علينا من باب العلم وهم لايفقهون معنى العلم! وكم كنا أغبياء إذ رفعنا لهم القبعة! و كيف لا نرفعها لهم و هم سادة العلم بحسب ما حفروا ذلك في أذهاننا !
 إن الواحد منا إذ دخل في وعيه أنه ضعيف ومتخلف وجاهل ومهزوم فلن تقوم له قائمة في يوم من الأيام! وكيف تقوم له تلك القائمة وهو المستسلم لما تم حشوه في ذاكرته من أنه أدنى من أن يقف إلى جانب بشر هم من طبقة العالم المتقدم فيما هو في أدنى درجات العالم الثالث
 نعم إن قراصنة الهيكل هيمنوا على حياتنا الثقافية وأفهمونا بأنهم العلماء وأننا الجهال الذين تفلت من أيديهم مقود الحضارة

ــ يحيى محمد سمونة.حلب ــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق