...(ميس روز)....
دلفت إلى باحة المحكمة في تمام الساعة الثامنة صباحا مصطحبا تلك السيدة الانجليزية، ميس.روز التي كانت تسير في هدوء وسكينة لا يتناسبا مع هذا المكان الذي لايخلو من الجلبة والضجيج طيلة النهار، أخذت عيناها الزرقاوين تدوران في محجريهما متفحصة في كافة أرجاء المكان ،ثم ارتسمت على صفحة محياها ابتسامة ظفر لم أدر كنهها إذ كنت ابحث عن مقعد شاغر لنجلس عليه ،راعني تلك النظرات التي كانت ترمقها متفحصة معطفها الاسود وقبعتها الحمراء،اما انا ببذلتي السوداء وطربوشي فاحسست بان احدا لا يكترث بي بالرغم من وجاهتي البادية والمميزة في هذا الحشد من البسطاء. ويكأنهم لاحظو شيئا ما لم اعد افهم مراده بعد ،احسست ان حاستي الصحفية قد خانتني هذه المرة وان شيئا آخر غير ما توقعت سيحدث، جلسنا ننتظر نداء الحاجب وجدتها تخرج كتابا من حقيبتها واخذت تقلب في صفحاته ثم اشرقت صفحة وجها اكثر بابتسامة الظفر ذاتها ثم قالت بلهجة واثقة مليئة بالفرحة والسرور كمن وجد ضالته .لقد .وجدته هو ذاته.I have found him .He is the same
سألتها متلهفا من ذا الذي وجدتيه هنا،أجئت من وراء البحار من اجل حب تليد، نعم تلك هي المرأة مصرية كانت أو انجليزية قيادها الهوي ومحركها العاطفة .رأيتها تطرق رأسها إلى الخلف مطلقة تنهيدة عميقة أردفتها بابتسامة ضئيلة افترعنها ثغرها الصغير أتبعتها دمعة من مآقيها ،أخرجت على إثرها منديلي ماسحا به إياها قائلا لها إني آسف جدا.I am very sorry فردت قائلة .لا عليك.Never mind.قلت إذا ما الذي جعلك تتأثرين هكذا؟! وفجأة زمجر صوت الحاجب قائلا بصوته الأجش .محكمة. فانتبهنا قائمين كالعادة ثم أشار لنا رئيس المحكمة بالجلوس فجلسنا ثم قال للحاجب.نادي على القضايا فأخذ ينادي على المخالفات والجنح والقاضي يقض في كل منها في عجالة حتى فرغ منها جميعا،ثم قام برفع الجلسة للاستراحة . نظرت جانبا إلى ميس.روز فوجدتها تبدو سارحة في أمر ما فلم أشأ أن أقطع عليها شريط الذكريات التي يبدو أنها بدأت تخالجها في هذه اللحظة . أطرقت هنيهة ثم نظرت إليها ثانية فلفت انتباهي شي ما فهممت أن أسألها لكن باغتني صوت الحاجب الأجش ثانية قائلا.محكمة.
خرجنا من باب المحكمة إلى الشارع حيث استوقفت حنطورا وقدمت (ميس روز) مشيرا لها بأن تركب ثم أمرت الحوذي بأن يذهب بنا إلى محطة القطار وبينما نحن في الطريق قلت لها :عندما كنا في المحكمة أخرجت من حقيبتك كتابا وأخذت تقلبين فيه ثم ارتسمت على محياك ابتسامة ظفر وقلت بكل حماسة لقد وجدته كمن وجد ضالته فهل كان في هذا الكتاب لغز وجدت حله في ذلك المكان الذي كنا فيه ؟
وجدتها تخرج الكتاب من حقيبتها ثم أرتني غلافه فقرأت العنوان ثم قلت هذه رواية (أوليفر تويست) للأديب الانجليزي تشارلز ديكنز . ولكن لم هناك اية قضايا للأحداث في هذا اليوم.
وجدتها تتبتسم ابتسامة خفيفة ثم أومأت برأسها إيماءة قبول قائلة بلهجة عربية ركيكة : أجل أنت على حق لكنك قد لا تفهم ما أعنيه حتى وإن شرحته لك.
أحسست بالغموض يكتنف تلك الشخصية وأنها تخفي الكثير والكثير من الأسرار والألغاز خلف هذا القناع من ملامح البراءة والوداعة . توجست منها قلقا وأخذت أرمقها بنظرات يعتريها الشرود والحيرة .
أخذت الأفكار تتضارب في رأسي حتى صرت كالهائم على وجهه في طريق مقفر لا يدري إلى أين يذهب ولا يعرف له مئالا أو سبيلا يهتدي إليه أو يجد دليلا أو علامة تأخذ بيده إلى ما يريد ويبتغي .
فجأة وعلى حين غرة بعد هذا الصمت لبرهة وهذا السكون كالذي يسبق العاصفة .وجدتني أسألها قائلا: من أنت؟
وجدتها لم تتفاجأ بسؤالي هذا كأنما كانت تتوقعه كرد فعل مني تجاهها ثم ألفيت نظرة حزينة على صغحة وجها الأشقر مع دمعتين ترقرقتا من مأقيها سائرتين على خديها اللذين بديا شديدي الإحمرار كشفق الغروب .
أخرجت منديلي من جيبي ومسحت لها دموعها ثم قلت لها : إعذريني فلست............
قاطعتني قائلة : لا عليك (Never mind) ثم تنهدت تنهيدة طويلة وقالت لست إلا امرأة كسائر البشر قلبها يحوي ألاما وأمالا(Pain & Hope)...................(البقية في ما بعد)...........بقلم/ محمود منصور
دلفت إلى باحة المحكمة في تمام الساعة الثامنة صباحا مصطحبا تلك السيدة الانجليزية، ميس.روز التي كانت تسير في هدوء وسكينة لا يتناسبا مع هذا المكان الذي لايخلو من الجلبة والضجيج طيلة النهار، أخذت عيناها الزرقاوين تدوران في محجريهما متفحصة في كافة أرجاء المكان ،ثم ارتسمت على صفحة محياها ابتسامة ظفر لم أدر كنهها إذ كنت ابحث عن مقعد شاغر لنجلس عليه ،راعني تلك النظرات التي كانت ترمقها متفحصة معطفها الاسود وقبعتها الحمراء،اما انا ببذلتي السوداء وطربوشي فاحسست بان احدا لا يكترث بي بالرغم من وجاهتي البادية والمميزة في هذا الحشد من البسطاء. ويكأنهم لاحظو شيئا ما لم اعد افهم مراده بعد ،احسست ان حاستي الصحفية قد خانتني هذه المرة وان شيئا آخر غير ما توقعت سيحدث، جلسنا ننتظر نداء الحاجب وجدتها تخرج كتابا من حقيبتها واخذت تقلب في صفحاته ثم اشرقت صفحة وجها اكثر بابتسامة الظفر ذاتها ثم قالت بلهجة واثقة مليئة بالفرحة والسرور كمن وجد ضالته .لقد .وجدته هو ذاته.I have found him .He is the same
سألتها متلهفا من ذا الذي وجدتيه هنا،أجئت من وراء البحار من اجل حب تليد، نعم تلك هي المرأة مصرية كانت أو انجليزية قيادها الهوي ومحركها العاطفة .رأيتها تطرق رأسها إلى الخلف مطلقة تنهيدة عميقة أردفتها بابتسامة ضئيلة افترعنها ثغرها الصغير أتبعتها دمعة من مآقيها ،أخرجت على إثرها منديلي ماسحا به إياها قائلا لها إني آسف جدا.I am very sorry فردت قائلة .لا عليك.Never mind.قلت إذا ما الذي جعلك تتأثرين هكذا؟! وفجأة زمجر صوت الحاجب قائلا بصوته الأجش .محكمة. فانتبهنا قائمين كالعادة ثم أشار لنا رئيس المحكمة بالجلوس فجلسنا ثم قال للحاجب.نادي على القضايا فأخذ ينادي على المخالفات والجنح والقاضي يقض في كل منها في عجالة حتى فرغ منها جميعا،ثم قام برفع الجلسة للاستراحة . نظرت جانبا إلى ميس.روز فوجدتها تبدو سارحة في أمر ما فلم أشأ أن أقطع عليها شريط الذكريات التي يبدو أنها بدأت تخالجها في هذه اللحظة . أطرقت هنيهة ثم نظرت إليها ثانية فلفت انتباهي شي ما فهممت أن أسألها لكن باغتني صوت الحاجب الأجش ثانية قائلا.محكمة.
خرجنا من باب المحكمة إلى الشارع حيث استوقفت حنطورا وقدمت (ميس روز) مشيرا لها بأن تركب ثم أمرت الحوذي بأن يذهب بنا إلى محطة القطار وبينما نحن في الطريق قلت لها :عندما كنا في المحكمة أخرجت من حقيبتك كتابا وأخذت تقلبين فيه ثم ارتسمت على محياك ابتسامة ظفر وقلت بكل حماسة لقد وجدته كمن وجد ضالته فهل كان في هذا الكتاب لغز وجدت حله في ذلك المكان الذي كنا فيه ؟
وجدتها تخرج الكتاب من حقيبتها ثم أرتني غلافه فقرأت العنوان ثم قلت هذه رواية (أوليفر تويست) للأديب الانجليزي تشارلز ديكنز . ولكن لم هناك اية قضايا للأحداث في هذا اليوم.
وجدتها تتبتسم ابتسامة خفيفة ثم أومأت برأسها إيماءة قبول قائلة بلهجة عربية ركيكة : أجل أنت على حق لكنك قد لا تفهم ما أعنيه حتى وإن شرحته لك.
أحسست بالغموض يكتنف تلك الشخصية وأنها تخفي الكثير والكثير من الأسرار والألغاز خلف هذا القناع من ملامح البراءة والوداعة . توجست منها قلقا وأخذت أرمقها بنظرات يعتريها الشرود والحيرة .
أخذت الأفكار تتضارب في رأسي حتى صرت كالهائم على وجهه في طريق مقفر لا يدري إلى أين يذهب ولا يعرف له مئالا أو سبيلا يهتدي إليه أو يجد دليلا أو علامة تأخذ بيده إلى ما يريد ويبتغي .
فجأة وعلى حين غرة بعد هذا الصمت لبرهة وهذا السكون كالذي يسبق العاصفة .وجدتني أسألها قائلا: من أنت؟
وجدتها لم تتفاجأ بسؤالي هذا كأنما كانت تتوقعه كرد فعل مني تجاهها ثم ألفيت نظرة حزينة على صغحة وجها الأشقر مع دمعتين ترقرقتا من مأقيها سائرتين على خديها اللذين بديا شديدي الإحمرار كشفق الغروب .
أخرجت منديلي من جيبي ومسحت لها دموعها ثم قلت لها : إعذريني فلست............
قاطعتني قائلة : لا عليك (Never mind) ثم تنهدت تنهيدة طويلة وقالت لست إلا امرأة كسائر البشر قلبها يحوي ألاما وأمالا(Pain & Hope)...................(البقية في ما بعد)...........بقلم/ محمود منصور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق