بسم الله الرحمن الرحيم
روائع القصص الهادف
صكوك الغفران
بقلم / أحمد عبد اللطيف النجار
أديب ومفكر مصري
$$$$ ليست مجرد قصة $$$$
$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$ ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
إنه حقاً شعور مُر كالحنظل أن تشعر أي فتاة أن أمها تكرهها ، بل وتُصّر على احتقارها وكراهيتها !
المولى عز وجل أعدل وأحكم من هؤلاء الآباء والأمهات ، فإذا كان قد أمرنا بالإحسان للوالدين وتكريمهما وقرن بين الشِرك به سبحانه وبين الإساءة إلى الأبوين إعلاء لحقهما على الأبناء ، فلقد حرّم أيضاً الظلم على نفسه وجعله بين عباده مُحرّما ، وأولى الناس بألا يظلموا الأبناء هم آبائهم وأمهاتهم ، لكن آفة البعض أنهم يتصورون خطأ وضلالاً أن الله سبحانه وتعالي سيحاسب الأبناء عن عقوقهم لآبائهم وأمهاتهم ولا يحاسب هؤلاء الآباء والأمهات على عقوقهم لأبنائهم !
ذلك التصوّر الخاطئ أوهم هؤلاء الآباء والأمهات أنهم يملكون صكوك الغفران والرحمة يمنحونها لبعض الأبناء دون البعض الآخر ، فنراهم يميّزون أبناء ويهضمون حق أبناء، وذلك هو الظلم بعينه !!
بهية سيدة مسكينة جاءتني باكية حزينة تقول : أنا سيدة في الثلاثين من عمري، أعمل بوظيفة مرموقة تحسدني عليها زميلاتي
وزوجي يعمل معي في نفس الهيئة ، ولي طفل عمره أربعة أعوام ونعيش معاً سعداء والحمد لله ، فقد رزقني المولى عز وجل بزوجي إدريس الطيّب الحنون ، وأنا أكبر إخوتي ، ولي شقيقة وشقيق وقد تخرّج كلاهما وعملا وتستعد شقيقتي للزواج ، لهذا فأن بيت أسرتي الآن في حالة تأهب قصوى لشراء مستلزمات العروس ، ولأن أمي لا تستطيع الحركة كثيراً ، فقد ترّملت علينا منذ عشرين عاماً بعد وفاة أبي ، لهذا فأنني باعتباري الابنة الكبرى مُكلّفة بكل شئ للعروس من شراء سجاجيد وستائر وأدوات مطبخ ونجف وخلافه ، ولست أضيق بهذه المهمة وإنما أؤديها بإحساس المسئولية والواجب ، ولكنني رغماً عني كانت نفسي تفور بالذكريات الأليمة ، فعند تخرّجي أعلنت أمي أنها قد أدت رسالتها معي على خير ما يرام ، وأن ما معها من مال سيكون لتعليم أختي وأخي فقط ، لهذا فأنني يجب أن اعتمد علي نفسي في زواجي ، فبدأت منذ تخرّجي وعملي لا أترك جمعية ادخار إلا وأشترك فيها بمعظم راتبي ، وبدأت أشتري مستلزماتي للزواج من نقودي حتى قبل أن أُخطب ، وعندما جاء زوجي إدريس ليخطبني صارحته بأننا سوف نعتمد على أنفسنا في إعداد شقة الزوجية وتجهيزها ، وبدأت مضايقات أختي وتصرفاتها الغريبة معي ومع أخي حتى أنه فضّل أن يلتحق بكلية إقليمية بعيداً عن الإسكندرية ليبتعد عن مشاكساتها وافتراءاتها واستثارتها لأمنا علينا وانحيازها لها على طول الخط !
ولم تراع أمنا مشاعرنا حتى أنها قبضت يدها عني وأنا في أشد الحاجة إلى مساعدتها المادية والنفسية خلال فترة الإعداد للزواج ولم تسهم بقرش واحد في زواجي !
لم ترافقني كأي أم أخرى في زيارة واحدة للشراء ولم تساعدني في اختيار ما أريد أو تقدم لي المشورة في أي شئ وكأنني لقيطة لا أم لها،
حدث أن مرضت واحتجت إلى أشعة صوتية وفحوص ولم يكن معي جنيه واحد ، فطلبت من أمي 200 جنيه لإجراء تلك الفحوص واعتذرت بعدم قدرتها ، ولم يكن مع خطيبي نقود وعرف أنني طلبت
من أمي ولم تعطني ، فغاب بعض الوقت وعاد ومعه المبلغ المطلوب اقترضه من أحد أصدقائه ، وذهبت معه للطبيب وعدت لأجد أمي وأختي عائدتين لتوهما من الخارج وأفرغت أختي كيساً كان معها فإذا به كمية كبيرة من الماكياج اشترتها أمي لها !
ساعتها نظر إليّ خطيبي إدريس نظرة مُعبّرة كأنما يرثي لحالي وتألمت وابتلعت المرارة التي تعوّدتها ، ثم اضطررت بعد ذلك لإجراء جراحة صغيرة في أحد المستشفيات التعليمية مجاناً لأن أمي لم تساعدني كالعادة !
وحان موعد عقد القران فلم ترحمني أمي وأثارت أزمة مفاجئة وهددتني بأنها لن تحضر الحفل إذا جعلت من خالي الذي تقاطعه لأسباب تافهة وكيلاً عني في الزواج ... بدأت أرتدي ملابس الزفاف وأمي ما زالت مصّرة علي عدم الحضور وصديقاتي حولها يتوسلن إليها ألا تفسد عليّ فرحتي وأن تتنازل عن عنادها مرة واحدة من أجلي إلى أن لانت أخيراً وذهبت ، لكنها أعلنتها صريحة هي وأختي أنهما لن يساعداني في نقل أشيائي إلى شقة الزوجية ، فظللت أنقلها مع صديقاتي عدة أيام وذهبت معهن كأنني يتيمة الأبوين ، مقطوعة الأهل إلى شقتي لتنظيفها وترتيبها استعداداً للزفاف ، وصديقاتي حولي يخففن عني ويفتعلن المرح والابتهاج حتى لا أبكي من القهر وأنا أقف وحدي ولا أجد بجانبي أحد من أسرتي !!
ثم جاءت الأزمة الأخرى حين علمت أمي أننا لن نقيم حفل الزفاف في النادي لقلة إمكانياتي أنا وخطيبي إدريس ، وإنما سنقيم حفلاً بسيطاً في البيت ، فثارت ثورة هائلة ورفضت أن يُقام هذا الحفل ( الفضيحة ) على حد قولها في بيتها وطلبت مني أن أبحث عن بيت آخر لإقامة الحفل فيه وبكيت قهراً وألماً كالمعتاد !... وحكيت أقرب صديقاتي لوالدها القصة ، فعرض عليّ أكرمه الله وبارك في ذريته أن يقيم حفل الزفاف في بيته وأن يتكفل بكل نفقاته لأنه يعتبرني ابنة أخرى له وشكرته والدموع في عيني ، وبدأنا نستعد للحفل ، وعلمت أمي أن الأزمة قد انفرجت ، فأعلنت فجأة موافقتها على إقامة الحفل في بيتها
لكن بشرط أن يشمل البوفيه مائة مدعو !.... سألتها : أين هم هؤلاء المائة مدعو ونحن لن ندعو إلا المقرّبين ، لكنها تمسكت بهذا الشرط وإلا فلا فرح في بيتها ، واستجبت مرغمة وتم الفرح بغير أية مساهمة أو مشاركة من أمي ، ولأن ربك لا يتخلى عن المساكين من عباده فلقد تم الحفل في صورة مُشرّفة ومظهر أعلى من حقيقة إمكانياتنا ، وأقام لي أصدقاء شقيقي أكرمهم الله زفة مجانية كبيرة في الشارع وكانوا يعرفون اضطهاد أمي لي ويتعاطفون معي ومع شقيقي ، فكان غناؤهم ورقصهم من القلب ، ولن أنسى ما حييت رقص شقيقي المضطهد مثلي أمامي وغناؤه لي بصوت مخنوق :
يا رب كمّل فرحتهم يا رب بالسعد أوعدهم
ودموعي تجاوبه وزغاريد صديقاتي ترد عليه ، ووسط كل ذلك ألاحظ أنه ليس من بينها زغرودة واحدة من أمي أو أختي وكأنني لست من دمهما ولحمهما !... سامحهما الله .
انتهى الفرح بسلام وذهبت إلى شقة الزوجية ومعي أخي وأختي وأمي ، وقبل أن يغادرونا طلبت مني أمي بلا انتظار حتي الصباحية مبلغ 200 جنيه تكاليف الكهرباء والزينة ، فأعطيتها لها من نقود ( النُقطة) التي قدّمها لي خالي وأخي وصديقاتي !!
مرت الأيام وعشت حياتي سعيدة مع زوجي الحبيب إدريس وأنا أشكر الله علي توفيقه لي في الارتباط به ، وتجّنبت الذهاب عند أمي كثيراً لكي أتفادى المشاكل والنكد الذي لا مبرر له ، فكنت أزورها زيارات قصيرة من حين لآخر ومع ذلك لم أسلم من المشاكل والنكد وافتعال الأزمات ، ثم خُطبت شقيقتي ووقتها أحسست بالفارق الكبير بين موقف أمي مني في خطبتي وزواجي وموقفها من أختي ، فلقد أقامت لها حفل خطبة كبير في أكبر النوادي وتحّملت كل النفقات بسخاء شديد وجلست في البيت أياماً طويلة تطّرز لها فستان الخطوبة الثمين وهي التي رفضت أن تضع لي خيطاً واحداً في ملابسي !
بل وذهبت إلى خالي التي كانت تقاطعه تسترضيه وطلبت منه أن يكون
وكيلاً عن شقيقتي في عقد القران حتى لا تظهر أمام أهل زوجها بغير رجل مسئول عنها ، مع أنها هدّدتني بمقاطعة حفل قراني إذا فعلت أنا نفس الشئ !
وظهرت النقود التي أمسكتها عني حين كنت في أشد الحاجة إلى قرش منها ... اشترت لأختي السجاجيد والنجف وقماش التنجيد وأدوات المطبخ وأطقم السرير المُطرّزة بالذهب وأعطتها أطقم الصيني الثمين الخاصة بها ، ولم تخجل مني وهي تعرّفني أنها هي التي تشتري لأختي كل شئ من مالها !
... وكانت تذهب معها إلي شقتها لتشرف على اللمسات النهائية فيها وهي التي لم تدخل شقتي إلا ليلة الزفاف !... حتي أختي من ناحيتها لا تتحفظ في إظهار كرم أمنا معها وفرحتها بها ، وتُصرّ أن تعلن لي ولشقيقي أن أمنا هي التي اشترت وهي التي دفعت !
رغم كل شئ أنا لا أكره أمي أو أختي ، لكنني كإنسانة أتأثر بما حولي ويحزّ في نفسي تلك التفرقة ( القاتلة ) في المعاملة بين الأبناء ، فهل ديننا الإسلامي العظيم يدعو إلى ذلك ؟... هل هذا من العدل في شئ ؟!!
*تلك مأساة بهية مع أمها ، وجميعنا نعلم أن الجنة تحت أقدام الأمهات ، لكن أي أمهات تلك الموعودات بها ؟!
إنهن الأمهات اللائي يراعين الله سبحانه وتعالى في أنفسهن وأزوجهن وأبنائهن ويتعاملن مع الحياة وكل الناس بعدل وإنصاف !
إذن فهو وعد مشروط بالوفاء بواجبات الأمومة وتبعاتها وأداء حقوق الله ورعاية حدوده في كل شئ ، وليس صكاً عاماً بالغفران ولا تصريحاً مفتوحاً لهن بأن يفعلن ما يردن بأبنائهن مهما كان ظالماً أو مجافياً للحق والعدل بين الأبناء ، ثم ينتظرن بعد ذلك أن تكون الجنة هي المأوى لمجرد أنهن قد حملن وهناً علي وهن وأنجبن وأرضعن !!
المولي جل في عُلاه أعدل الحاكمين ، فإذا كان قد أمرنا بالإحسان للوالدين وتكريمهما ، وقَرن بين الشرك به سبحانه وبين الإساءة إلي الأبوين إعلاءً لحقهما على الأبناء ، فلقد حرّم أيضاً الظلم على نفسه وجعله بين عباده مُحرّما ، وبقدر ما حثّنا ديننا الإسلامي العظيم على
أن نُحسن للآباء والأمهات ، فقد حثهم كذلك على أن يحسنوا لأبنائهم ويعدلوا بينهم ، وقال رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه : ( رحم الله امرئُ أعان ولده علي بره ) أي أعانه بعدله معه على أن يرد إليه ما قدمه له في الصغر براً وعدلاً وإحساناً في الكِبَر ، وأمرنا الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم أيضاً بأن نعدل بين الأبناء ولو في القُبلة !
ذلك هو ديننا الإسلامي العظيم ، دين المحبة والسلام والعدل والرحمة والمساواة ، وتلك هي سُنة نبيّنا صلى الله عليه وسلم ، أما ما تفعله أم بهية فهو الظلم بعينه وحسابها على الله عسير بإذنه سبحانه .
إنها بأفعالها تلك تزرع بذور الكراهية والحقد بين أبنائها ، فلقد رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشهد على هبة رجل أراد أن يهب لأحد أبنائه بعض ماله ، فسأله : أمثل هذا أعطيت كل إخوته ؟ فأجابه لا ، فقال له : إذن فأِشهد على هذا غيري فأني لا أشهد على باطل !!
العجيب حقاً هو أن هؤلاء الأبناء المُدَللين يسعدون بهذا الباطل !!
أنهم يستحِلّونه ولا يرون فيه أي غضاضة ، ورغم ذلك فرحمة الله واسعة ، وها نحن رأينا كيف رزق الله أختنا بهية بزوجها الصالح إدريس الذي عوّضها عن ظلم ذوي القُربى .... لقد أنعم الله عليها بسكينة القلب ونعمة الإنجاب والحياة الهانئة المستقرة وما كل ذلك بقليل !!
نرجو المولى عز وجل ألا تسمح لمرارة إحساسها بالظلم أن تطول أو تفسد عليها صفاء حياتها وحياتنا معها !
أما أمها فلا نملك لها سوى الدعاء للحي القيوم أن يهدي قلبها وتعدل بين أبنائها ، وفي كل الأحوال نصيحتي للمظلومة بهية أن تقابل قسوة أمها عليها بالرحمة والعطف ، هكذا دعانا دين الرحمة إلي البر بالوالدين ، و...... أنك لا تهدي منْ أحببت والله يهدي منْ يشاء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحمد عبد اللطيف النجار
أديب ومفكر مصري
# إقرار علي مسئوليتي الشخصية والأدبية والمهنية .......
جميع الأسماء والأماكن الواردة بقصصي من بنات أفكاري ( يعني من وحي خيالي ) وإن
كانت الأحداث والوقائع حدثت بالفعل وحقيقية 100% ــ هدفي هو نشر نوع جديد و
مبتكر من الأدب الإسلامي والإنساني الواقعي يسمو بالروح إلي آفاق رحبة من الرقي والحب
والتسامح ونشر الوعي الإسلامي بين كل الفئات بأسلوب سهل بسيط لا تعقيد فيه ولا غموض
شباب هذا العصر لا يقرءون ولا يهتمون مطلقاً بالقراءة لانشغالهم بالانترنت والفيس بوك ذلك العالم السحري الذي لا حدود ولا أوطان له ‘ فصار العالم كله قرية صغيرة ،، فكان و لابد من التفكير في إبداع أدب إنساني جديد يناسب تفكير شباب وفتيات القرن الحادي والعشرين ، وقد أخذت على عاتقي التفكير بجدية في ابتكار ذلك الأدب الهادف في سطور قليلة سريعة القراءة وفي نفس الوقت سريعة التأثير في النفس ، وقد وفقني المولي عز وجل في تأليف أكثر من 2000 قصة قصيرة أو ممكن تسميتها نصوص أدبية من الأدب الواقعي الذي يعالج نقائص النفس البشرية ويداوي جراحها !! وما زال التأليف مستمراً !!
روائع القصص الهادف
صكوك الغفران
بقلم / أحمد عبد اللطيف النجار
أديب ومفكر مصري
$$$$ ليست مجرد قصة $$$$
$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$ ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
إنه حقاً شعور مُر كالحنظل أن تشعر أي فتاة أن أمها تكرهها ، بل وتُصّر على احتقارها وكراهيتها !
المولى عز وجل أعدل وأحكم من هؤلاء الآباء والأمهات ، فإذا كان قد أمرنا بالإحسان للوالدين وتكريمهما وقرن بين الشِرك به سبحانه وبين الإساءة إلى الأبوين إعلاء لحقهما على الأبناء ، فلقد حرّم أيضاً الظلم على نفسه وجعله بين عباده مُحرّما ، وأولى الناس بألا يظلموا الأبناء هم آبائهم وأمهاتهم ، لكن آفة البعض أنهم يتصورون خطأ وضلالاً أن الله سبحانه وتعالي سيحاسب الأبناء عن عقوقهم لآبائهم وأمهاتهم ولا يحاسب هؤلاء الآباء والأمهات على عقوقهم لأبنائهم !
ذلك التصوّر الخاطئ أوهم هؤلاء الآباء والأمهات أنهم يملكون صكوك الغفران والرحمة يمنحونها لبعض الأبناء دون البعض الآخر ، فنراهم يميّزون أبناء ويهضمون حق أبناء، وذلك هو الظلم بعينه !!
بهية سيدة مسكينة جاءتني باكية حزينة تقول : أنا سيدة في الثلاثين من عمري، أعمل بوظيفة مرموقة تحسدني عليها زميلاتي
وزوجي يعمل معي في نفس الهيئة ، ولي طفل عمره أربعة أعوام ونعيش معاً سعداء والحمد لله ، فقد رزقني المولى عز وجل بزوجي إدريس الطيّب الحنون ، وأنا أكبر إخوتي ، ولي شقيقة وشقيق وقد تخرّج كلاهما وعملا وتستعد شقيقتي للزواج ، لهذا فأن بيت أسرتي الآن في حالة تأهب قصوى لشراء مستلزمات العروس ، ولأن أمي لا تستطيع الحركة كثيراً ، فقد ترّملت علينا منذ عشرين عاماً بعد وفاة أبي ، لهذا فأنني باعتباري الابنة الكبرى مُكلّفة بكل شئ للعروس من شراء سجاجيد وستائر وأدوات مطبخ ونجف وخلافه ، ولست أضيق بهذه المهمة وإنما أؤديها بإحساس المسئولية والواجب ، ولكنني رغماً عني كانت نفسي تفور بالذكريات الأليمة ، فعند تخرّجي أعلنت أمي أنها قد أدت رسالتها معي على خير ما يرام ، وأن ما معها من مال سيكون لتعليم أختي وأخي فقط ، لهذا فأنني يجب أن اعتمد علي نفسي في زواجي ، فبدأت منذ تخرّجي وعملي لا أترك جمعية ادخار إلا وأشترك فيها بمعظم راتبي ، وبدأت أشتري مستلزماتي للزواج من نقودي حتى قبل أن أُخطب ، وعندما جاء زوجي إدريس ليخطبني صارحته بأننا سوف نعتمد على أنفسنا في إعداد شقة الزوجية وتجهيزها ، وبدأت مضايقات أختي وتصرفاتها الغريبة معي ومع أخي حتى أنه فضّل أن يلتحق بكلية إقليمية بعيداً عن الإسكندرية ليبتعد عن مشاكساتها وافتراءاتها واستثارتها لأمنا علينا وانحيازها لها على طول الخط !
ولم تراع أمنا مشاعرنا حتى أنها قبضت يدها عني وأنا في أشد الحاجة إلى مساعدتها المادية والنفسية خلال فترة الإعداد للزواج ولم تسهم بقرش واحد في زواجي !
لم ترافقني كأي أم أخرى في زيارة واحدة للشراء ولم تساعدني في اختيار ما أريد أو تقدم لي المشورة في أي شئ وكأنني لقيطة لا أم لها،
حدث أن مرضت واحتجت إلى أشعة صوتية وفحوص ولم يكن معي جنيه واحد ، فطلبت من أمي 200 جنيه لإجراء تلك الفحوص واعتذرت بعدم قدرتها ، ولم يكن مع خطيبي نقود وعرف أنني طلبت
من أمي ولم تعطني ، فغاب بعض الوقت وعاد ومعه المبلغ المطلوب اقترضه من أحد أصدقائه ، وذهبت معه للطبيب وعدت لأجد أمي وأختي عائدتين لتوهما من الخارج وأفرغت أختي كيساً كان معها فإذا به كمية كبيرة من الماكياج اشترتها أمي لها !
ساعتها نظر إليّ خطيبي إدريس نظرة مُعبّرة كأنما يرثي لحالي وتألمت وابتلعت المرارة التي تعوّدتها ، ثم اضطررت بعد ذلك لإجراء جراحة صغيرة في أحد المستشفيات التعليمية مجاناً لأن أمي لم تساعدني كالعادة !
وحان موعد عقد القران فلم ترحمني أمي وأثارت أزمة مفاجئة وهددتني بأنها لن تحضر الحفل إذا جعلت من خالي الذي تقاطعه لأسباب تافهة وكيلاً عني في الزواج ... بدأت أرتدي ملابس الزفاف وأمي ما زالت مصّرة علي عدم الحضور وصديقاتي حولها يتوسلن إليها ألا تفسد عليّ فرحتي وأن تتنازل عن عنادها مرة واحدة من أجلي إلى أن لانت أخيراً وذهبت ، لكنها أعلنتها صريحة هي وأختي أنهما لن يساعداني في نقل أشيائي إلى شقة الزوجية ، فظللت أنقلها مع صديقاتي عدة أيام وذهبت معهن كأنني يتيمة الأبوين ، مقطوعة الأهل إلى شقتي لتنظيفها وترتيبها استعداداً للزفاف ، وصديقاتي حولي يخففن عني ويفتعلن المرح والابتهاج حتى لا أبكي من القهر وأنا أقف وحدي ولا أجد بجانبي أحد من أسرتي !!
ثم جاءت الأزمة الأخرى حين علمت أمي أننا لن نقيم حفل الزفاف في النادي لقلة إمكانياتي أنا وخطيبي إدريس ، وإنما سنقيم حفلاً بسيطاً في البيت ، فثارت ثورة هائلة ورفضت أن يُقام هذا الحفل ( الفضيحة ) على حد قولها في بيتها وطلبت مني أن أبحث عن بيت آخر لإقامة الحفل فيه وبكيت قهراً وألماً كالمعتاد !... وحكيت أقرب صديقاتي لوالدها القصة ، فعرض عليّ أكرمه الله وبارك في ذريته أن يقيم حفل الزفاف في بيته وأن يتكفل بكل نفقاته لأنه يعتبرني ابنة أخرى له وشكرته والدموع في عيني ، وبدأنا نستعد للحفل ، وعلمت أمي أن الأزمة قد انفرجت ، فأعلنت فجأة موافقتها على إقامة الحفل في بيتها
لكن بشرط أن يشمل البوفيه مائة مدعو !.... سألتها : أين هم هؤلاء المائة مدعو ونحن لن ندعو إلا المقرّبين ، لكنها تمسكت بهذا الشرط وإلا فلا فرح في بيتها ، واستجبت مرغمة وتم الفرح بغير أية مساهمة أو مشاركة من أمي ، ولأن ربك لا يتخلى عن المساكين من عباده فلقد تم الحفل في صورة مُشرّفة ومظهر أعلى من حقيقة إمكانياتنا ، وأقام لي أصدقاء شقيقي أكرمهم الله زفة مجانية كبيرة في الشارع وكانوا يعرفون اضطهاد أمي لي ويتعاطفون معي ومع شقيقي ، فكان غناؤهم ورقصهم من القلب ، ولن أنسى ما حييت رقص شقيقي المضطهد مثلي أمامي وغناؤه لي بصوت مخنوق :
يا رب كمّل فرحتهم يا رب بالسعد أوعدهم
ودموعي تجاوبه وزغاريد صديقاتي ترد عليه ، ووسط كل ذلك ألاحظ أنه ليس من بينها زغرودة واحدة من أمي أو أختي وكأنني لست من دمهما ولحمهما !... سامحهما الله .
انتهى الفرح بسلام وذهبت إلى شقة الزوجية ومعي أخي وأختي وأمي ، وقبل أن يغادرونا طلبت مني أمي بلا انتظار حتي الصباحية مبلغ 200 جنيه تكاليف الكهرباء والزينة ، فأعطيتها لها من نقود ( النُقطة) التي قدّمها لي خالي وأخي وصديقاتي !!
مرت الأيام وعشت حياتي سعيدة مع زوجي الحبيب إدريس وأنا أشكر الله علي توفيقه لي في الارتباط به ، وتجّنبت الذهاب عند أمي كثيراً لكي أتفادى المشاكل والنكد الذي لا مبرر له ، فكنت أزورها زيارات قصيرة من حين لآخر ومع ذلك لم أسلم من المشاكل والنكد وافتعال الأزمات ، ثم خُطبت شقيقتي ووقتها أحسست بالفارق الكبير بين موقف أمي مني في خطبتي وزواجي وموقفها من أختي ، فلقد أقامت لها حفل خطبة كبير في أكبر النوادي وتحّملت كل النفقات بسخاء شديد وجلست في البيت أياماً طويلة تطّرز لها فستان الخطوبة الثمين وهي التي رفضت أن تضع لي خيطاً واحداً في ملابسي !
بل وذهبت إلى خالي التي كانت تقاطعه تسترضيه وطلبت منه أن يكون
وكيلاً عن شقيقتي في عقد القران حتى لا تظهر أمام أهل زوجها بغير رجل مسئول عنها ، مع أنها هدّدتني بمقاطعة حفل قراني إذا فعلت أنا نفس الشئ !
وظهرت النقود التي أمسكتها عني حين كنت في أشد الحاجة إلى قرش منها ... اشترت لأختي السجاجيد والنجف وقماش التنجيد وأدوات المطبخ وأطقم السرير المُطرّزة بالذهب وأعطتها أطقم الصيني الثمين الخاصة بها ، ولم تخجل مني وهي تعرّفني أنها هي التي تشتري لأختي كل شئ من مالها !
... وكانت تذهب معها إلي شقتها لتشرف على اللمسات النهائية فيها وهي التي لم تدخل شقتي إلا ليلة الزفاف !... حتي أختي من ناحيتها لا تتحفظ في إظهار كرم أمنا معها وفرحتها بها ، وتُصرّ أن تعلن لي ولشقيقي أن أمنا هي التي اشترت وهي التي دفعت !
رغم كل شئ أنا لا أكره أمي أو أختي ، لكنني كإنسانة أتأثر بما حولي ويحزّ في نفسي تلك التفرقة ( القاتلة ) في المعاملة بين الأبناء ، فهل ديننا الإسلامي العظيم يدعو إلى ذلك ؟... هل هذا من العدل في شئ ؟!!
*تلك مأساة بهية مع أمها ، وجميعنا نعلم أن الجنة تحت أقدام الأمهات ، لكن أي أمهات تلك الموعودات بها ؟!
إنهن الأمهات اللائي يراعين الله سبحانه وتعالى في أنفسهن وأزوجهن وأبنائهن ويتعاملن مع الحياة وكل الناس بعدل وإنصاف !
إذن فهو وعد مشروط بالوفاء بواجبات الأمومة وتبعاتها وأداء حقوق الله ورعاية حدوده في كل شئ ، وليس صكاً عاماً بالغفران ولا تصريحاً مفتوحاً لهن بأن يفعلن ما يردن بأبنائهن مهما كان ظالماً أو مجافياً للحق والعدل بين الأبناء ، ثم ينتظرن بعد ذلك أن تكون الجنة هي المأوى لمجرد أنهن قد حملن وهناً علي وهن وأنجبن وأرضعن !!
المولي جل في عُلاه أعدل الحاكمين ، فإذا كان قد أمرنا بالإحسان للوالدين وتكريمهما ، وقَرن بين الشرك به سبحانه وبين الإساءة إلي الأبوين إعلاءً لحقهما على الأبناء ، فلقد حرّم أيضاً الظلم على نفسه وجعله بين عباده مُحرّما ، وبقدر ما حثّنا ديننا الإسلامي العظيم على
أن نُحسن للآباء والأمهات ، فقد حثهم كذلك على أن يحسنوا لأبنائهم ويعدلوا بينهم ، وقال رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه : ( رحم الله امرئُ أعان ولده علي بره ) أي أعانه بعدله معه على أن يرد إليه ما قدمه له في الصغر براً وعدلاً وإحساناً في الكِبَر ، وأمرنا الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم أيضاً بأن نعدل بين الأبناء ولو في القُبلة !
ذلك هو ديننا الإسلامي العظيم ، دين المحبة والسلام والعدل والرحمة والمساواة ، وتلك هي سُنة نبيّنا صلى الله عليه وسلم ، أما ما تفعله أم بهية فهو الظلم بعينه وحسابها على الله عسير بإذنه سبحانه .
إنها بأفعالها تلك تزرع بذور الكراهية والحقد بين أبنائها ، فلقد رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشهد على هبة رجل أراد أن يهب لأحد أبنائه بعض ماله ، فسأله : أمثل هذا أعطيت كل إخوته ؟ فأجابه لا ، فقال له : إذن فأِشهد على هذا غيري فأني لا أشهد على باطل !!
العجيب حقاً هو أن هؤلاء الأبناء المُدَللين يسعدون بهذا الباطل !!
أنهم يستحِلّونه ولا يرون فيه أي غضاضة ، ورغم ذلك فرحمة الله واسعة ، وها نحن رأينا كيف رزق الله أختنا بهية بزوجها الصالح إدريس الذي عوّضها عن ظلم ذوي القُربى .... لقد أنعم الله عليها بسكينة القلب ونعمة الإنجاب والحياة الهانئة المستقرة وما كل ذلك بقليل !!
نرجو المولى عز وجل ألا تسمح لمرارة إحساسها بالظلم أن تطول أو تفسد عليها صفاء حياتها وحياتنا معها !
أما أمها فلا نملك لها سوى الدعاء للحي القيوم أن يهدي قلبها وتعدل بين أبنائها ، وفي كل الأحوال نصيحتي للمظلومة بهية أن تقابل قسوة أمها عليها بالرحمة والعطف ، هكذا دعانا دين الرحمة إلي البر بالوالدين ، و...... أنك لا تهدي منْ أحببت والله يهدي منْ يشاء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحمد عبد اللطيف النجار
أديب ومفكر مصري
# إقرار علي مسئوليتي الشخصية والأدبية والمهنية .......
جميع الأسماء والأماكن الواردة بقصصي من بنات أفكاري ( يعني من وحي خيالي ) وإن
كانت الأحداث والوقائع حدثت بالفعل وحقيقية 100% ــ هدفي هو نشر نوع جديد و
مبتكر من الأدب الإسلامي والإنساني الواقعي يسمو بالروح إلي آفاق رحبة من الرقي والحب
والتسامح ونشر الوعي الإسلامي بين كل الفئات بأسلوب سهل بسيط لا تعقيد فيه ولا غموض
شباب هذا العصر لا يقرءون ولا يهتمون مطلقاً بالقراءة لانشغالهم بالانترنت والفيس بوك ذلك العالم السحري الذي لا حدود ولا أوطان له ‘ فصار العالم كله قرية صغيرة ،، فكان و لابد من التفكير في إبداع أدب إنساني جديد يناسب تفكير شباب وفتيات القرن الحادي والعشرين ، وقد أخذت على عاتقي التفكير بجدية في ابتكار ذلك الأدب الهادف في سطور قليلة سريعة القراءة وفي نفس الوقت سريعة التأثير في النفس ، وقد وفقني المولي عز وجل في تأليف أكثر من 2000 قصة قصيرة أو ممكن تسميتها نصوص أدبية من الأدب الواقعي الذي يعالج نقائص النفس البشرية ويداوي جراحها !! وما زال التأليف مستمراً !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق