الأربعاء، 4 مايو 2016

حوار مع الله .. بقلم الأديب / أحمد بيومي


مسرحيه من فصل واحد .. بعنوان حوار مع الله .. بقلم الأديب / أحمد بيومي
قال لنفسه أن تلك الحياة عبث في عبث ..
فكلنا فيها مجرد ممثلين نؤدي أدوارًا لم نختارها بل كتبها الله لنا ..؟
وأسرع ينظر إلى السماء بغضب ..
ثم أُغرقت عيناه بالدموع وصرخ مخاطبًا ربه ..
ربي لماذا خلقتني ..؟ 
لماذا كلفتني بعمار أرض ليس لي فيها إلا الكد والتعب ..
وجائزتي الكبرى في نهايتها كفن ..؟
يسمع صوتًا من السماء يناديه ..
يا عبدي أذهب وتطهر ثم توضأ أولاً ..
ألا تعلم أنني ملك الملوك ..؟ 
فكيف تعاتبني وتخاطبني هكذا ..؟
كيف ترفع صوتك في حضرتي .. أنصرف ..
نهاية المشهد الاول ..

المشهد الثاني ..
ذهب مسرعًا إلى بركة ماء على أول الحقل فأغتسل وتوضأ ..
ثم صلى ركعتين ورفع يديه إلى السماء مستأذنًا في الكلام .. فأذن الله له ..
قال .. ربي لماذا خلقتني إنسانًا في عالم فقد انسانيته ..؟
لماذا أخترت لي أن أعيش في نهاية الزمان حيث يقتل الأخ أخاه والابن أباه ..؟ 
لماذا اخترت لي دور الكاتب والفيلسوف وأنت تعلم أنه زمان الجهل والجهلة ..؟
فلا أحد قد عاد يقرأ ولا أحد ينصت ..
الجميع في غفلة إلا من رحم ربي ..؟

المشهد الثالث ..
ربي لماذا خلقتني رقيقًا في عالم لا يعرف الرحمة والرقة ..؟
ربي إنه عالم قد صار في منتهى القسوة ..؟ 
فسمع الله يقول له .. أنا لا أسأل عما أفعل ..
ولكن أخبرني يا عبدي .. على أي هيئة كنت تريد أن تُخلق ..؟
هل على هيئة غراب ..؟ أم صقر ..؟ أم سمكة ..؟
هل كنت تريد أن امنحك دور ملك أم رئيس أو قائد جيش ..؟
عبدي .. الا ترى من هم أدنى منك في كل شيء ..؟ 
مكانة وعلمًا ومالاً وصحة ..؟
على ماذا تعترض إذًا ..؟
ينكس الرجل رأسه ويبكي أكثر ..
ويقول هامسًا ربي .. أنا قد تعبت فأقبضني إليك فما عاد لي رغبة في تلك الحياة ..

المشهد الرابع ..
يسمع الله تعالى وهو يقول له ..
عبدي .. أتريد أن تموت الأن ..؟
عبدي .. هل تعلم إلى أين ستذهب بعد الموت ..؟
إلى الجنة أم إلى الجحيم ..؟ 
يرد الرجل .. ربي ..
أنا لا أعلم .. فما قدمته في حياتي يكاد لا يذكر.. فارحمني ..
يسمع الله وهو يقول ..
عبدي نعم أنا الرحمن الرحيم .. ولكني أيضًا أنا العدل ..
ولا يُظلم عندي أحدًا أبدًا ..
وعلى قدر ما قدمت لنفسك في الدنيا ستحصد ..
وهنا يهبط الرجل برأسه إلى الأرض ويبكي مجددًا ..
ثم يقول .. ربي أنا لم أختار لا صورتي ولا جنسي ولا ديني ولا مذهبي ولا وظيفتي ولا زوجتي ولا أولادي .. أرجوك ارحمني ..

المشهد الخامس ..
يقول الرجل .. ربي أنا لم أختار الشقاء لنفسي بل أنت من خلقتني شقيًا ..
فأنت من قلت في كتابك العزيز .. " ونفس وما سواها فألهما فجورها وتقواها " إذًا عن ماذا سأحاسب وكل الأمر لك .. وما أنا إلا صورة صورتها كما شئت ..
فيسمع الله جل في علاه يقول ..
عبدى أنا أعلم كل ما قلت وأكثر فأنا علام الغيوب ولكني قد ارسلت لك رسلي وكتبي وقد منحتك إدراكًا وعقلاً وامرتك أن تطيع اوامري وتنتهي عما نهيتك عنه .. وما كنت بظلام للعبيد ..
فيرد الرجل في ضيق وحزن ..
ربي وما قيمة العقل وما فائدة الارادة وكل الأمر لك ..
فيسمع الرجل ربه يقول له ..
عبدي .. الحياة نعمة وأنا من منحتها لك ويسرت لك فيها كل أمر.. أنا من خلقك وأنا من رزقك وأنا من كتب قدرك ..
عبدي .. لا تجادلني فتهلك .. فقد فعلها الشيطان قبلك ..
عبدي لقد خلقتك لي وخلقت كل شيء لأجلك ..
أنا من يرزقك وأنت من تشرك بي .. أنت تعصاني وأنا من يسترك ..
فهل بعد كل هذا ألا استحق رضاك وشكرك ..؟
فيجهش الرجل في البكاء .. وهو يقول أستغفرك ربي وأتوب إليك .. تمت ..

مسرحيه من فصل واحد .. بعنوان حوار مع الله .. بقلم الأديب / أحمد بيومي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق