غريبٌ..من بَنِي وطني }
-------------------------
بِتِلْكَ المِظَلَّةِ و القُبَّعَةْ
و مِعْطَفِةِ البُنّيِّ الوَثيرِ
و شَيئٍ مِن العِطرِ قَد وضَعهْ
أَتَي مُمْسِكاً بالجَريدةِ نَحْوِي
بِخَطْوٍ وَئِيدٍ شَديدِ الدعَةْ
تَبَسَّم لِي ثُم جَاء بِقُرْبي
أَرادَ الجُلوسَ فَلَمْ أَمنَعهْ
و بَعد التحيةِ بَدأَ الحَديثَ
"أَشرْقِيّةٌ" طِفلتي اليافِعةْ ؟
فَقُلتُ: أَجَلْ و العُروبةُ ذاتي
وحتي النُّخاعِ بِها مُترَعةْ
أنَا بِنتُ يَمَنٍ و شامٍ و مِصرَ
و بِنتُ فَلسْطِيننا الضائِعةْ
و لِي ذِكرياتٌ بأرضِ العِراقِ
وأرضُ الحِجازِ لَنا جامِعةْ
مِن البَحرَين إلي مُوريتانيا
بِكُلِّ البِقاعِ أنا مُولَعةْ
إذا العَيشُ قُدِّرَ في إِحْداها
فَأنْعِم بِعَيشٍ و مَا أَمتَعهْ
أَنا بِنتُ قَوْمٍ إِباءٍ كِرامٍ
و وطنٍ عَريقٍ مَديدِ السعَةْ
فَأطْرَقَ نَحْوِي مَلِيَّاً و قالَ
جَميلٌ حَديثُكِ ما أبْدعَهْ
و رغْمَ حَداثةِ سِنِّكِ وَعْيُكِ
جَمٌّ و أفاقكِ واسِعَة
فَمَنْ علَّمَكِ فُنونَ الكلامِ
عَلَي نَحوٍ كالّذي أَسْمعَهْ
فَجاوبْتُ: جَدِّي مِن المَهْدِ نَمَّي
بِدَاخلِنا زَهرةً يانعَةْ
رَوَاها التاريخ و عِشْقُ الضادِ
و رُوحُ الإفادةِ و المَنفَعةْ
و مُنذُ قضي نَحْبَهُ و ارتَحَلَ
حُرِمْنا جِلسِتَه المُمتعةْ
فألْفَيْتُ حُزْناً بَدَي يَعْتَريهِ
و زَيْغَ عُيونٍ بَدَتْ دامِعةْ
و نظرَ بِعُمقٍ تِجاه السماءِ
كَمَنْ يَرْصُدُ نَجمةً طالِعةْ
و قالِ لَكَم يَأخذُني الحَنينُ
لِأمجادِ أوطانِنا الرائعةْ
و في القَلبِ واللهِ شَوْقُ السنينَ
لِشَمْسٍ كانتْ بِها سَاطعةْ
هُنالِك وَطني و قَد عِشتُ فِيهِ
و سافرتُ مِنه بِلا أمتِعهْ
دِمائي نُقُوشٌ علي الجُدرانِ
تُؤرخُ فَصلاً مِنْ الفاجعةْ
و أَهْلي كَسِرْبِ حَمامِ يَفِرُّ
إلي المَوْتِ خَوفاً مِنْ المعمعةْ
و أطلالُ بيتي و بعضُ البقايا
توثقُ قَسراً خُطا الزَوْبَعةْ
و خيرُ بِلادي هُناكَ اُسْتُبيحَ
بِأيْدِي لُصوصٍ ذَوِي أَقنعةْ
و اسمُ العُروبةِ باتَ يُدنَّسُ
في الأَرضِ بينِ يَدَيْ إِمَّعهْ
و في غَمْرَةِ الحُزنِ صَمَتَ الغَريبُ
و شَيئٌ بِصدرِهِ قَد أَوجَعهْ
و قامَ إِليَا يَقولُ الوَداعَ
فأرسَلتُ كَفِّيَ لِأُودِّعه
فطأطأ رأساً و ما صافَحَني
كأنَّ حَديثِي أَذي مَسْمَعهْ
و سَقَطَ عَلي الأرضِ دُونَ حِراكٍ
كَمَنْ قَد كُسِرَتْ بِهِ الأِشْرِعةْ
و كَمْ مِنْ غَريبٍ هُنا أَو هُناك
مِن الحَسْرةِ قَد لَقَي مَصْرَعهْ
----------------------------
م/ عـــلاء زايــــد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق