من كتاباتي الربيعية ........ تحية ربيعية مني إليكم أجمعين :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صباحُك ربيعٌ يا شمسَ الربيع ...
....................................
((( 01 )))
عندما تصل تباشيرُ الربيع؛ أستيقظُ باكرا ثم أتمرّدُ على حصار الشوارع والجدران وأخرجُ بعيدا إلى حرّية الامتدادات ... فما هي إلا لحظات حتّى أرى آخر لمسات الليل تتراجعُ أمام بهْجة الأفق، والشمسُ تشرقُ فوق بساط تتعانق فيه لوحات الاخضرار مع بعض الشذى المُحيل على ما قال الشعراء ورسم الفنّانون وحكى البستانيون العارفون ...
أهْمسُ حينها في شوق الشمس وأشعّتها الأولى تتسلل بلطف إلى زوايا مساحاتي التي لم تستيقظْ كما ينبغي بعد :
- صباحُك ربيعٌ يا شمسَ الربيع ...
أتلذّذ بها من لحظة تجلّي أوّل ضوء منها، ثم تتّسع وتتعمّق لذّاتي بصعودها المتعالي فوق الأفق وهي تكتمل شيئا فشيئا ...
أقرأ في هذه الشمس سؤال الوجود قبْل البدْء وحين منتهاها ...
أقرأ فيها آية الشمس وضحاها ...
أقرأ فيها أخبار الذين خرجوا مع ظهورها ذات يوم ولم يعودوا أبدا ...
أقرأ فيها بسمة شمسية شاهدتها مرّة وأنا يافع ولمْ أرها قطّ ثانية ...
أقرأ فيها المستتر من الغرائب والعجائب وما حكتْهُ أساطير الفيافي والسباسب ...
أقرأ فيها ما دوّنْته سرّا في كل ملفّاتي السرية والتي ستصبح بدورها مع الأيّام سريّة مثيرة للاستفهام ...
أقرأ فيها ما أقوله للناس وما يقوله الناس عنّي،وهي تتّجهُ ملكة متوّجة نحو كبد السماء ...
((( 02 )))
في مشهدية الفرجة البهيجة التي ترافق شمس الصباح وهي ترفل في حلل الربيع الخالي من المُزْعجات والمُحْرجات؛ تعجبني إعجابا رائعا حلقات الطيور وحركاتها وغزلياتها وهي تارة تزقزق، وتارة ترفرف، وتارة تغرّد، وتارة تعبث بريشها وفق نظام فنّي تتغير تشكيلاته من نوع إلى نوع ...
أسمع التراتيل ذات الطابع الروحاني، والأناشيد ذات الطابع الدرامي، والأغاني ذات الطابع الوجداني، والمعزوفات الآتية من جدليات الليل بالنهار واليابسة بالبحار والهزيمة بالانتصار ومصبّات الجداول في الأنهار ...
أرى السماء الصافية الزرقاء وهي تبوح للأرض المغطاة الخضراء بما يجعل الورود والأزهار تلبس الإغراء المعانق للصفاء والبهاء ... فهذه عسلية صفراء، وثانية قزحية دعجاء، وثالثة مسائية دهماء، ورابعة بنّية لمياء، وخامسة قانية حمراء، وسادسة برتقالية شقراء، وسابعة كألف ليلة وليلة تعددت فيهاالألوان والأسماء، وغيرها وغيرها وغيرها ... ما بين الفينة والأخرى تمرّ في هدوء بعضُ نسمات آخر اللحظات الشتوية المتحررة من فصلها فيتعطّر الجوّ بروائح زكية مبهمة مريحة كالتي ظلت عالقة في أنفاسي منذ أن كنت غيبا في روح الغيب ...
لعلّ هذه المشهدية - التي تسمو على كل توصيف وتأليف - هي التي شكّلتْ في آدم وحوّاء حنينهما الأبدي إلى ما فقداهُ ولفّتْهُ في لفّة شفّافة من نسيان كي يمكن للحياة أن تكون حياة، وكذلك حدث ويحدث في ذريتهما جيلا بعد جيل ...
((( 03 )))
ذوبان بصري وبصيرتي وذوقي وإدراكي في آلاء هذا الجمال الطبيعيّ الربيعيّ، المرصّع بفتن ليست من الفتنة في شيء، لا يلغي ما يضاهيها ويقابلها ويوازيها ويتقاطع معها من آيات الجمال الأخرى المبثوثة في ملكوت الله تعالى خلال أزمنة عشتُها أم لمْ أعشها وأمكنة رأيتها أم لم أرها، ولا يقلل من قيمتها ولو بمقدار ذرّة أو أقل، وإنّما فقط يجعلني أتساءل وأسائل من يشاركوني هذا الإحساس كلّه أو بعضه :
- ماذا يحدث لو تعاملنا ببعض الاحترام والمحبة مع طبيعتنا الرائعة وأبعدنا عنها أيادي التدنيس والتدمير ؟؟؟
- ماذا يحدث لو تجنبنا رمْي النفايات الضارة والفضلات المشوّهة - كيف ما اتفق - من غير دراية ولا تدبّر ولا اهتمام بالعواقب الوخيمة علينا وعلى طبيعتنا التي تبقى هشّة برغم كل مظاهر القوة فيها ؟؟؟
- ماذا يحدث لو أنقذنا أنفسنا وأنقذنا معنا جميع كائنات كوكبنا من الانتحار البطيء الذي نمارسه جهارا نهارا بما ننتجه ونستهلكه - خارج كل معقولية - من غازات مخرّبة ومبيدات مدمّرة ومنتجات معدّلَة جينيا وما يجري هذا المجرى من كوارث مهدّدة للحياة برمّتها ؟؟؟
أدعوكم وأدعو نفسي معكم إلى محاورة هذه التساؤلات التي تهمّنا من غير استثناء ...
وفي الختْم؛ أقول لكم ما قلته لشمسكم :
- صباحكم ربيع، يا عشاق الربيع، مع شمس الربيع ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إمضاء : الأستاذ الدكتوربومدين جلّالي - الجزائر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق