نقد الأدب و ..أدب النقد
بقلم : ثروت مكايد
لا يشك كاتب هذه السطور للحظة واحدة في أن لدينا أزمة نقدية هي السبب فيما نراه على الساحة الأدبية من فوضى ..
فوضى تجعل مالايمت للأدب بنسب يتصدر الساحة أو يزاحم فيها بالمناكب في حين يختفي الأدب / الأديب الجيد وسط هذا الركام من المنتج الهلامي الذي يحمل زورا عنوان الأدب ، وما هو من الأدب في شيء ..
وتتمثل هاته الأزمة النقدية في شيئين اثنين :
أولهما : الضعف الشديد بل الفقر المدقع في أدوات الناقد مما جعله - مادام لا يملك علما - يتخذ من الهجوم الفج أداة له في نقده غير مراع لأدب النقد ، ولا يخرج نقده ساعتئذ عن الانطباع السريع ، والكلام العائم ...
ولا تحسب ياقارئي أن قول الناقد أن هذا العمل أو ذاك جيد أو رائع أو لا غبار عليه أو دون المستوى ..
أقول لا تحسب أن هذا من قبيل النقد بل هو محض ثرثرة على أنه يجب أن نفرق بين الناقد أو من يدعي النقد ، والقاريء العابر إذ لا غبار عليه - أي على القاريء العابر - أن يعبر عن شعوره تجاه عمل ما بكلمة أو كلمتين مادام لم يعلن عن نفسه بصفته النقدية ..
وعلة الضعف لدى الناقد تكمن في قلة زاده الثقافي ..
زاده من ثقافة عصره بحيث يدرك روح العصر ، والبيئة التي أثرت على الناص - والناص هو كاتب النص - بحيث يكون في وسعه إعادة إنتاج النص ..
ولا أقصد بإعادة الإنتاج أن يأتي بصورة منه وإنما أن يتلبس روح الناص عن وعي ، ليخبرنا : لماذا اختار الكاتب هذا التعبير أو ذاك اللفظ دون غيره ..
والنقد الأدبي هو نقد ثقافي في المقام الأول ..
وهذا يحتاج إلى بسط وتفصيل ليس هاهنا مقامه في مقالي هذا القصير ..
أما الشيء الثاني فيتمثل في حسبان الكاتب / الأديب أن النقد مرادف للنقض والهدم ومن ثم يتضخم شعور العداء لدى الأديب للناقد حتى إن العلاقة بينهما لتتحول إلى ما يشبه العلاقة بين القط والفأر ، فالناقد يتصيد الأخطاء ، والأديب ينفر ، وهو على حق في نفوره إذ لا يجد من النقد غير ترهات ، فلا يعني وجود أخطاء لغوية أن نرجم الأديب ونقيم عليه الحد علما بأن هذا غير داخل في نقد الأدب وإنما هو من هوامش النقد مع ضرورة أن يمتلك الناقد أدب النقد قبل امتلاكه لأدوات نقد الأدب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق