أثر السير والحكايات الشعبية ...
في المسرح العربي
*******************************
قلم :حســــــن نصــــــراوي
********************************
تكمن اهمية وضرورة وحتمية السير والحكايات والملاحم والاساطير الشعبيه في تاريخ الامم والشعوب ... هي عنونها الابداعي ومنجزها العقلي ورصانة وعيها والتلمس المتقدم للذائقة الجمالية ... شعوبنا العربية من اكثر الشعوب التصاقا بارثها وحضرتها ورموزها وشواخصها الاثرية في كافة مجالات الابداع الانساني الكوني وماقدمه للاجيال من كنوز الادب والابداع الشعبي الثر ... وهذا تحقق بفعل قوة سارد الاحداث ودقة صياغته مجريات الحبكة القصصية وفعل عامل التشويق والاثارة وسحر وعذوبة الكلام وسلاسته ... والمخيلة الواسعة وملامسة الحكايات لطموحات المتلقي وتناغمها مع مزاجه واحلامه ... وتعتبر تلك الحكايات ملاذ وطموح وامال له ... لقد برع القصصاون لتلك السير ... في ترجمت الواقع الحلم لتلك الشعوب التي تعيش صراعات واغتراب داخلي بسبب فقدان الرخاء والعيش الرغيد كما يتصورون .. ووجدت ضالتها وهروبها الى تلك الحكايات للبحث عن الفردوس المفقود والرجل المخلص لهمومهم وانكساراتهم واحباطهم ويأسهم وانهزامهم امام واقعهم ... ان الجاذبية والمقدرة والحنكة والدراية والخبرة والتجربة والفصاحة والبلاغة في سرد الاحداث والحكايات والتمازج المنفرد بين الحقيقة والخيال والتأثير والسحب لعقلية المتلقي وانسلاخه من واقعه والتحلق في ملوكات السرد القصصي لتلك الحكاية والانحياز والتفاعل لمجريات الاحداث والاصطفاف للعوامل الايجابية والدفاع عنها واخذ المواقف المتشدده من كل ماهو سلبي ... هذا التسقيط على الواقع المعاش لذالك المقطع الزمني للمتلقي وتفاعله مع الاحداث القصصية ... يكون بفعل قوة من صاغة تلك السيرة والحكايات وبلاغته وخبرته وحنكته في رص الاحداث واستعمال عامل الدهشة والغرابة والسحر والخيال ... وقوة اقناعه للمتلقي ...وتاتي السير والملاحم الشعبية في المرتبه الثانية بعد حكايات { الف ليلة وليلة } وذلك للازدهار والاكتناز الفطري للامم وخاصة امة العرب لحكايات الاسلاف ... من بطولات وكرم واخلاق وثراء وبناء ومعارك وشخوص مثلوا الرمزية البسالية والشجاعة الفائقة والقدره المتناهي في الصولات والجولات الميدانية في سواح منازلة الحق ضد الباطل ... كما يعتقدون ونعتوهم بنعوت الفظلاء والنبلاء والخارقين للقوة البشرية المعتاده ... اذ وجد بعض الكتاب في هذه الحكايات الطويلة التي عبرت فيها الشعوب العربية عن احلامها وامنيتها وطموحها وزهوها والقها ... لقد استقت طائفة من المسرحيات احداثها وحبكتها من الحكايات والسير الشعبية ولاسيما سيرة عنترة والزناتي خلفيفة ودليلة والزئبق والسندباد وكهرمانة والاربعين حرامي وقصص وحكايات كثيرة في المخيلة العقلية العربية ... لشهرتها الواسعة بين الناس , اما كأحداث تؤدي خير اداء كوظيفة تسلية وترفيه التي تهدف اليها المسرحيات ... مع الاخذ من الاحداث الحكمة والموعظة والعبرة ... ولحظات الزهو الذي يعيشها المتلقي وهو يشاهد ترجمة شخصيات سمع عنها واحبها تتجسد على المسرح ... هذا وقد تركت السير الشعبية في الوقت ذاته ... آثارها على الصياغة الفنية للمسرحيات ففي رسم الشخصية استعير من السير نماذج من الشخصيات الملحمية المسطحة ذات السمات المثالية البعيدة عن الواقع التي تكون اما خيرا مطلقا ... واما شر مطلقا ... وتتجسد مواجهة هذه بعضها للبعض الاخر في صور صراع ملحمي , تعبيء فيه قوى الخير أمام قوى الشر , وتاتي فيه الغلبة لقوى الخير ... وثمة مسرحيات اقتبست من السير صورة بطلها الملحمي , ذلك البطل الذي يملك قدرات هائلة , يذلل بها مختلف العقبات التي تعترض طريقه ... والمثالي الذي لا نقص فيه ... والذي يحمل رسالة الحق .. ويقف في خدمة الجماعة أبدا ... اذ تقوم شخصيته في الحقيقة على ضآلة مشكلته الخاصة بجانب مشكلات الاخرين التي يتصدى لحلها ... وهذه الصفات منذ الازل في مخيلة الشارع العربية وشخصياته الذي يبحث عنها وينتظرها ويطمح تحقيقها ... لم يجدها في ارض الواقع طول الازمنه المنصرمه ومن جيل الى جيل يجد ضالته وطموح تحقيقها من خلال سرد الحكايات على المسرح الذي بالاساس هي جزء من موروثه الذهني والعقلي والثقافي والمجتمعي .. كما تبرز آثار السير الشعبية في بناء الحوار من حيث مزج النثر بالشعر ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق