وصف الوجع
لأمير الأحزان كرم الدين يحيى ارشيدات
نتكلم دائما عن القشور
لا نجيد الوصف
أو لربما نخاف البوح بما في جوفنا
نتحدث عن العناوين فقط
ولا نستطيع الخوض في التفاصيل
نخاف أن نتحدث
أو بالأحرى عيب علينا أن نتحدث
عيب علينا ان نبكي حتى ولو كنا نعتصر
من الألم
عيب علينا أن نصرخ
وعيب علينا ان نتكلم
تتقطع أوصالنا ونحن نرسم الابتسامة الكاذبة
مرغمين على شفاهنا
نموت مئات المرات قهرا
ولا نستطيع أن ننطق كلمة بثلاثة حروف لا أكثر
الآه
الآه هي صرخة لا نجرؤا أن نخرجها من اعماقنا
الوجع
الوجع هو مأساتنا
وجع الروح الذي فتك بما تبقى منا
نحن نعيش على مساحة أكبر اتساعا من هذا الكون
كل واحد على كوكبه
صراخه لا يتعدى حدود حنجرته
لا شيء سوى أصداء الانين
تتردد هنا وهناك
وكأنها سكين حاد النصل تسلخ جلودنا عن عظامنا
نتلوى ونتألم
نحترق
نتعذب
أرواح لا تقوى على الهروب
كيف لها الهروب من أقدار نحن من وضع أسسها
ما زلنا نتحدث عن القشور
والاوتاد مغروسة في احشائنا
والظلمات قد غرست انيابها في قلوبنا
في جيف كانت لأناس سميوا بالبشر
وامتدت جذورها حتى وصلت النهايات فينا
أمطار ملوثة مشبعة بالسموم
لا تحمل معها سوى الموت القادم من بعيد
قتلت الأمل في نفوسنا
اغتصبت السكنية وزرعت الغوغاء والضوضاء
باجساد منهكة
قتلها الضمأ لنقطة ماء تعيد الحياة لاجساد فتك بها الحفاف
الوجع هو مثل سفينة عملاقة توقفت في عرض البحر
غرست مرساتها في جوفه
تغلغلت في اعماقه
لا هي تريد المسير
ولا البحر قادر على دفعها
نقاط سوداء في فراغ كبير وظلام اسود
سحبت الفرح من قلوبنا
قتلت الأمل بغد جديد
نتمنى ألا يأتي بفواجعه
قتلتنا انسانيتنا
فكانت الجلاد الذي رسمت بسياطها سطور من العذاب
ورسمت على سطورها كل مدونات الوجع
محرم علينا ان نفرح
سرقت الابتسامة من شفاهنا كسبايا الحرب
وقيدت النبضات بسلاسل من الظلم والاستعباد
والمشاعر عبودية نحن لا نجرؤا على البوح بها
لم كل هذا الظلم القابع فوق رؤوسنا
لم تدور فوق رؤوسنا طواحين الألم تسحق اشواقنا
وتدوس على أحلامنا
لم تختتنق الضحكة وتقتل في حناجرنا
قتلنا نحن بإنسانيتنا
عندما تتكلم الدموع
عندما تتكلم وتتحدث الدموع عن الوجع
أي شيء في الدنيا أكثر منها بلاغة
وأكثر شرحا
الدموع تتحدث بصدق عن النفس التي شطرها الوجع وقسمها لنصفين
دموع تحترق في جوفنا بصمت مطبق
محبوسة بإسم الحرمان
حرمنا من كل شيء
من أبسط حقوق الإنسان
مازلت أتحدث عن القشور
كرم الدين ارشيدات يتحدث عن نفسه
وعن غيره
ومازلت أتحدث عن الأرواح التي فتك الوجع
وضلت طريقها
نحن أرواح ضالة ندور في حلقات مفرغة
نعيش الوجع ولا نستطيع أن نصفه
لأنه يأتينا كل يوم بلون وشكل جديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق