بقايـا صـور
مَنْ لي يجود على ظمأى و يَرويها
من خير مُزنٍ، وقد جفَّتْ سواقيها
إني ألوذ بفيَّاضٍ وأُشهده
أني على عهده ما دُمت راعيها
نفسٌ تأبَّتْ على الشارين واعتصمت
أنىّ الغريرُ, وما انسامتْ أُغلِّيها
المالُ دوني، وكُلُّ الفانيات لئن
مسَّتْ بقدري سأُربيه وأُفنيها
لا عيش إلاّ على قِممٍ مُشرّفةٍ
بين النُّجوم التي زانت لياليها
يا من رآني بعينٍ أمطرت ألماً
إني مُقيمٌ وآلامي … أُعانيها
ما زلتُ في موقفي والناسُ قد رحلت
تُدني إليّ بإجحافٍ تجافيها
ما زلتُ أبكي على الأطلال في زمنٍ
صار الجمالُ به قُبحاً … وتشويها
والكيلُ أضحى بِمِكيالين وانحسرت
آلاءُ ربيّ وقد لمَّتْ بواقيها
ما زلتُ باقٍ على عهد الذين بقوا
في ذِمَّةِ الله إرشاداً وتوجيهاً
إني انتظمتُ ببنيانٍ له سِمَةٌ
بين الشّعوب التي جَلّتْ مبانيها
لو حَلَّ ضَيْمٌ على القاصين أحْسِبُهَ
ضَيمْاً عليَّ ومأساة أُقاسيها
هذي يميني بِيُمنى الناس كُلِّهِمُ
طِبٌّ وحُبٌّ وإحسانٌ أساميها
ها قد بذلتُ لعلياءٍ مُكرمّةٍ
كلَّ المكارم للدُّنيا وتاليها
مازلت أقفو، وما استحننتُ قافيةً
إلا وفاضت على كأسي سواقيها
فالعُمرُ ماضٍ وخيلي جامحٌ أبداً
مستنفرُ العزم للأمجاد, حاميها
قد طال عهدي ولكنّي قَصُرتُ به
عن غاية الرّوح في أدنى مراميها
يا ويح قلبي، أما آن الأوانُ له
أن يستريح من الدنيا وما فيها
يسعى الكمالَ وفيه النقصُ مكتملٌ
والناسُ تسعى، وشتىّ في مساعيها
تلك الحياةُ التي أخْفتْ على نظرٍ
لن تستبين لمكفوفٍ … بواديها
والله قدَّر والأقدارُ مُبرمةٌ
جلبابُ ذاتِك إنْ رُشداً وإنْ تيها
لولا أمَنِّعُ حِصْني بالذي امتنعت
فيه الأوابدُ إحياءً … لماضيها
لا بدّ أغرس للأيّام مثمرةً
حتى ولو أجحدُ الأيّام يجنيها
كالدلو قلبي بذي الصحراءِ ينضح من
بئر الحياة وأستسقي … لأرويها
لو كنت أرجو على ما كان تزكيةً
ما كنتُ أمضي وقد لاقيْتُ تسفيها
إني لأُثقلُ في الميزان تافهةً
ما للجواهر تشريفاً وتنـزيها
هذا الصراطُ لمن يحيى الصراط به
قلبٌ وعقلٌ ونفسٌ في أعاليها
يا جيرةَ اللهِ إنّ الأرض موحشةٌ
هل من أنيسٍ يُواسيني يواسيها
النّاسُ بالناس، والأيامُ شاهدةٌ
والعينُ بالعين، والدّيانُ قاضيها
فابرأ لنفسك يا من أنت لي سندٌ
في النّائبات، وقد جارت عواديها
وابسُطْ يمينَكَ إني مُذْ بسـطتُّ يدي
قلبي وعقلي وروحي والندى فيها
أحمد الشيخ علي . النبك 5/6/1998
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق