الثلاثاء، 6 فبراير 2018

قادة التاريخ " لحظة وداع جيش مؤتة"/5 تقديم الدكتور أحمد محمد الشديفات / الأردن



قادة التاريخ
" لحظة وداع جيش مؤتة"/5 
تقديم الدكتور أحمد محمد الشديفات / الأردن
أصعب اللحظات في حياة الإنسان وداع المحبين، لحظة مؤثرة تحرك كيان ووجدان ومشاعر الإنسان، فتدمع العين وترتعش الفرائص ويخشع القلب، وقد لا يستطيع الإنسان تحمل الموقف فيخر مغشيا عليه وقد حصل، الآن الموكب المهيب يستعد للإنطلاق ويشيعوهم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى بلغ بهم ثنية الوداع، ووقف لوداعهم .،وكل الأنظار تتجه نحو الرسول صلى الله عليه وسلم ماذا سيقول "وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏ إِذَا بَعَثَ جُيُوشَهُ قَالَ: "‏اخْرُجُوا بِسْمِ اللَّهِ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ لَا ‏تَغْدِرُوا ‏وَلَا‏ ‏تَغُلُّوا‏ ‏وَلَا‏ ‏تُمَثِّلُوا ‏وَلَا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ وَلَا أَصْحَابَ ‏الصَّوَامِعِ "، وفي هذه الغزوة قال صلى الله عليه وسلم كعادته يوصي الجيش :-(اغزوا بسم الله، في سبيل الله، مَنْ كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة، ولا كبيراً فانياً، ولا منعزلاً بصومعة، ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرة، ولا تهدموا بناء)وقال صلى الله عليه وسلم كلمات مؤثرة لها وقع في نفوس الحاضرين قال " إن قتل زيد فجعفر وإن قتل جعفر فعبدالله بن رواحة" ثم عقد لأمراء الألوية راية بيضاء، سلمها إلى القائد الأول زيد بن حارثة. وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير الأزدي رضي الله عنه، وأن يدعوا مَنْ هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلا استعانوا بالله عليهم، وقاتلوهم، وصية جامعة وضعت أُسسا حربية في أصول القتال وليس إتباع سياسة الأرض المحروقة للبشر والحجر والشجر ونشر السموم، بعد أن أنهى صلى الله عليه وسلم كلامه ووصيته ،جاء دور وداع الأحبة الذراري وعائلاتهم واباهم وامهاتهم وخلق كثير والدموع تسيل ثخينة خنقت العبرات وحبست النفس توجسا لما يحصل من اللقاء القادم مع العدو، ورددوا مودعين أباهم المجاهدين فقد لا يلتقوا معهم مرة اخرى ليوم الدين قالوا: صحبكم الله بالسلامة، ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين غانمين ، وقال عبد الله بن رواحة :- لكنني أسأل الرحمن مغفرة***وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا أو طعنة بيدي حران مجهزة*** بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا حتى يقال إذا مروا على جدثي***يا أرشد الله من غاز وقد رشدا وانطلقت الحملة العسكرية بيمن الله وحفظه، في مثل هذا الشهر جمادى الأولى سنة ثماني للهجرة نحو مؤتة، يضربون لها أكباد الأبل شهرا حتى وصلوا مشارف مدينة معان اليوم، ونزل الجيش الإسلامي وبعث عيونه نحو جيش الرومان يستطلعون أخبارهم فتبين أن لا يحصى ولا يعد عددهم، فبدأت المشورات والأراء فيما بين القادة وأمثالهم من أهل الخبرة والشأن في أتخاذ القرار، وهنا ندرك حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم في اختيار ثلاثة من قادة على التوالي خوفا على الجيش أن يتفرق أو يتشتت أو تحصل فوضى نظر لبعد المسافة وانقطاع الاتصال، فرأي القادة الثالثة ليس كرأي الواحد، وقد حصل ما كان متوقع،فقالوا: "نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنُخْبِرُه بعدد عدوّنا، فإمَّا أن يمدَّنا بالرجال، وإمَّا أن يأمرنا بأمره فنمضي له، لكنَّ القائد عبدالله ابْنَ رواحة رضي الله عنه شجَّع الناس على المُضِيّ في القتال قائلاً: "يا قوم، والله إنَّ الَّتي تكرهون للتي خرجتم تطلبون؛ الشهادة، وما نقاتلُ الناس بعددٍ ولا قوةٍ ولا كثرةٍ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلِقوا فإنَّما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور، وإما شهادة"، فقال الناس: "قد والله صدق ابن رواحة" وهذا هو الرأي ومكثوا على مشارف معان يومان وعزموا على مواصلة طريقهم ، وتابعوا إلى مؤتة بما يقارب من مائة واربعين كيلو متر مسيرا على الأقدام والدواب، لله درهم كيف يحملون على ظهورهم أمتعتهم وطعامهم وشرابهم وسلاحهم وحاجاتهم مشيا على الأقدام كم لاقوا من مشقة وضنك وتعب ألا يمرضون، ألا يتعبون ، فعلا يحق لهؤلاء منا كل أجلال وتقدير كلما جاء ذكراهم والتفكير، يكفي ما قال في حقهم رب العالمين "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ" حتى إذا قاربوا إلى سهل مؤتة حطوا رحالهم، وإلى لقاء مع الجيش الروماني وقوته المادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق