حجر الأساس / 9 /
[ يتساءل د. داؤود، يقول لي: تجد بعض الكائنات - سوى الإنسان - تسلك سلوكا يدل على وجود عقل لديها، فكيف لك إلى تفسير تلك الظاهرة و أنت الذي تقول أن " العقل " لا يعدو أن يكون شريحة ذاكرة تضمنت أمثلة فطرية و أخرى مكتسبة؟ أي: هل يملك الحيوان "كمثال" عقلا كما هو الإنسان؟
و قد طرح د. داوود بين يدي تساؤلاته هذه الآية الكريمة ( و ما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء .. ) اﻵية [الأنعام38] ]
قلت: نعم، يملك الحيوان "عقلا" كما الإنسان، و كما أن ذاكرة الإنسان تضمنت المثال الفطري و المثال المكتسب، فكذلك ذاكرة الحيوان تضمنت المثال الفطري [بموجب المثال الفطري المودع في ذاكرة الحيوان، نجد التمايز " النوعي " و انتقال ذات المورثات بين الأنواع ذات الفصيل الواحد ] و المثال المكتسب الذي بموجبه يمارس الحيوان بعض الحركات المتقنة التي يكتسبها بتدريب و ترييض و كثرة ممارسة
إن السلوك الذي يوافق مثالا فطريا مودعا في ذاكرة الإنسان أو الحيوان فهذا لا تبديل له و لا تحويل البتة إلا أن يكون ثمة طفرة كائنة بمشيئة الله تعالى، فعند ذاك نجد خروجا عن النمط الرئيس للسلوك و للمورثات عند الكائن الحي
و أما السلوك الموافق للمثال المكتسب فهذا يقبل التبديل و يقبل التحويل بحسب تنقل و انتقال الكائن الحي ما بين مثال مكتسب و آخر، و ذلك بحسب قناعات الإنسان التي قد تتبدل بين الحين و الحين، و بحسب ما يتم ترويض الحيوان عليه بحيث تجده يتوافق سلوكه - أي سلوك الحيوان - مع ما يتم تلقينه و تدريبه عليه
[ قلت: الذي يميز الإنسان عن الحيوان هو الفكر و ليس العقل ]
و يهمني ها هنا كلمة "الكتاب" التي وردت في سياق الآية الكريمة التي أوردها صديقي د. داوود، حيث يشير مقتضى السياق أن " الكتاب" يتضمن خصائص و مواصفات الأشياء التي خلقها الله تعالى و أمضاها في الوجود بما شاء و كيف شاء و أنى شاء و بعلمه تعالى و بعدله و حكمته
- و كتب من حلب: يحيى محمد سمونة -
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق