بسم الله الرحمن الرحيم
سلسال الحكومة والحاكورة /3
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن
كان لجدي المرحوم ديوان وأسع يقيم فيه الخلان ليس كدواوين الحكومة الحديثة الآن محاسبة ومظالم وقضاة ومحاكم وحقوق الإنسان ونواب واعيان وتنفيذ وسكرتيرات وخدم وحشم وشرطة وسجون وشركات مساهمات خصوصية وعمومية وعقارات ومسابح وملاهي وراقصات ومخدرات ومهربات وكوته نسائية وأقلية وأبناء عمومه وخالات عصابات وأموال خاصة وأخرى عامة وهاك وهات...ألخ
وكان موقع الديوان معروف لكل إنسان تحت شجرة التين بالذات في كَرْمَ العنب والزيتون يقضي جدي وقته وينام في ظل ظليل ووقت ما كان جدي يأخذ - بريك - اسْتِرَاحَة يأكل عنب وتين وماء معين ويشم هواء عليل وقهوة بفنجان برائحة الهيل والزعفران تشفي الغليل لا سرطانات ولا ملوثات ولا جراثيم، بدون إِزْعاج، ويشرب لبن غنم بدون تبريد أفضل من كوكاكولا والبيبسي كولا- أنتاج وطني مميز لذيذ وخبز بلدي قمح أو ذرة أو شعير ونخالة وسميد وكشك وزَّبيبُ والتين المجفف المعفر بالطحين...
ديوان جدي تضفي عليه الطبيعة الخلابة كل الألوان وهو للراحة والاستجمام بالهواء الطلق بدون مكيفات ولا مقاعد وثيرة مستورد من دولة أجنبيه بقرض مدور وممول سنين من قوت المساكين، كل موجودات الديوان منسوجات ومطرزات تقليدية نسجت وغزلت بأيدي محلية، قل ديوان على البساطة تحت شجرة التين لا يغلق أبوابه ودائما يودع ويستقبل أحبابه بدون واسطة فهو يحترم الصغير والكبير، ولا تسمع إلا صوت العصافير بدون ضجيج أو زُمُور، وإذا تكلم جدي في أمر من الأمور العادية أو الدينية أستمع وأنصت له كل الحضور، وأمره نافذ على الجميع دون ظلم لأحد أو جور.
كان جدي يلبس في رقبته تعويذة مجدولة بخيط غزل متين من شعر أو صوف في خرقة محكمة مغموسة باللُّبَانُ وشمع أصلي لا يفتحها إنسان وإلا بطل الحجاب .معمولة له من زمان وهو طفل صغير وبقيت معه وهو كبير حسب قوله فيها سر من الأسرار لا يخلعها حتى ولو نام.
اخيرا يا سادة يا كرام يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق للبنات والسيدات المحترمات لا إسراف ولا تبذير ولا تقتير وإنما كل شيء بتقدير
اما العجب العجاب في هذا الزمان أن ترى سلسال الحكومة الثمين مدلى من رقبتها من ثقله وكثرت ما دفع ثمنا له دراهم ودنانير وفي نهايته تمثال لمحب ولهان على صورة سعدان يتباهى به أكثر من النسوان .
وأخيرا أنصحك أخي الفقير:- أن تغلق عينيك عن هذا المنظر الحزين، وتعيش في الأحلام وتنام؟؟؟ وضع في إحدى أذنيك طين والأخرى عجين حتى لا تنزعج ولو لحين، وأغلق فمك -- بآيس كريم—وبالإشارة المعهودة بيننا يرحم جدي وجدك صاحب سلسال الغزل ذو الحجاب المتين المكين ثم قل آمين آمين ،والآن أنتهى عهد الأولين ودخلنا في عهد جديد، ونحن ضائعون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق