الاثنين، 29 يناير 2018

تائهون فى الصحراء بقلم الشاعر / عمر جميل

تائهون فى الصحراء
رجل عجوز ذو لحية بيضاء قد بلغ من العمر أرذله يجلس فى ركن من أركان المسجد بعد الإنتهاء من الصلاة ، ويبدو عليه القلق والتوتروكأنه يريد أن يتحدث مع أحد ليخرج ما يقلقة فربما يخفف عنه ذلك ما يحييك فى رأسه ، إقتربت منه جلست بجواره فابتسم إبتسامة حانية طيبة ، قلت له مابك ما يقلقك ، تنهد ومأن يخرج جمرات من نار ، ثم قال لا أعلم لما اليوم تذكرت أشد الأيام مرارة فى حياتى ، يوم كنت فيه فى الصحراء تائه فى صحرائها الشاسعة وكان معى عدد من أصدقائى ولم يكن لدينا لا طعام ولا شراب وهناك عدو يترصدنا ، يحصد أجدنا حينا ويترك الأخرين بيتلاعب بهم ثم يأتى مرة أخرى يقتل البعض الأخر ، تعجبت ثم قلت أين وقعت هذه الأحداث ، قال والكلمات ثقيلة بين شفتيه ، إنها سيناء وهذه المقتلة بل المجزرة لا أقول حربا بل كانت هزيمة 67، كلما تذكرت طائرات الإستطلاع الصهيونية تمر فوق رأسى ولو ألقيتها بحجر لسقطت وعندما أعلمت قائدى بذلك كان رده عجيبا قال ليس لدينا أمر بالتصدى لهذه الطائرات ، وما هى إلا لحظات إلا وقد جاء سرب كامل من الطائرات فدكت الموقع والمواقع القريبة ، قتل من قتل وهرب من هرب بطريقة عشوائية ،كان بعضنا لا يزال حيا أردنا الرد بما لدينا من مدفعية ولكن القائد أمرنا بتدمير الأـسلحة الثقبلة والإنسحاب بسرعة ، كلما تذكرت أصدقائى ورفقاء سلاحى وهم ممددين فى دمائهم بكيت بكاءا مريرا ، ثم أردف قائلا ، سرنا فى الصحراء أياما أكلنا كل شئ حتى ما تركنا حتى الحشرات بل الكلاب والحمير الخاصة بالبدو ،حتى وصلنا إلى أحد مقرات الجيش وكان المنفذ الرئيسى لإمدادات الطعام لجأنا للقائد المسؤل ليطعمنا فقال ليس لدى أوامر بصرف حصص الطعام لكم ، قلنا له العدو خلفنا و بعد قليل سوف يتم وصول القوات الصهيونية واحتلال المكان بما فيه ، ولكن كلماتنا ذهبت سدى فرحلنا سريعا وما هى إلا دقائق وتم دك الموقع بمن فيه ، فكرنا مليا حتى قسمنا أعدادنا إلى مجموعات صغيره حيث أن العدو كان قريبا من القنال ، وبدأنا فى التسلل مجموعة مجموعة وكنا لا نتحرك إلا ليلا
فتم رصد البعض وتم أسرهم وقتل البعض الأخر ووفقنى الله بمجموعتى إلى الهرب ـ
رجعنا نعم ، وظللنا أحيتءا نعم ولكن لا تزال الحسرة تقتلنا كل يوم تمنينا لو قاتلنا وحصلنا على الشهادة بشرف ولكن حتى هذا لم نحصل عليه ، وما يجعلنى فى هذه الحالة من القلق والتوتر ما أحدث به نفسى دائما ، لماذا قال القائد ليس لدينا أمر بالإشتباك مع العدو والعدو يجكن حصوننا ،لماذا كتبت علينا العزيمة قبل أن نحارب ، وإن كنا غير مستعدين فلماذا وضعونا فى أتون حرب يحترق فيها خيرة شباب البلاد دون قتال أو حتى شرف المواجهة ، ولماذا كان الإنسحاب دون خطة للإنسحاب ،ولماذا كنا نقتل فقط ، بل لماذا لم نحارب من الأصل ، ولماذا ولماذا ولماذا أسئلة كثيرة لا أجد لها إجابة حتى اليوم ؟
تحياتى ، بقلم عمر جميل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق