الأربعاء، 31 يناير 2018

قادة التاريخ " الْحَارِثَ بْنَ عُمَيْرٍ الأَزْدِيَّ " تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات /الأردن


بسم الله الرحمن الرحيم قادة التاريخ
" الرَّسُولِ الشَهِيْد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
الْحَارِثَ بْنَ عُمَيْرٍ الأَزْدِيَّ "
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات /الأردن
استقرت الدولة الإسلامية في المدنية المنورة في عمر ثماني سنوات ،وقد آخى صلى الله عليه وسلم بين الأوس والخزرج وبذلك تكون مجتمع على أواصر المحبة والروابط الاجتماعية والاقتصادية ..فشكل وحدة واحدة متراصة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، وهذا الاستقرار وهو الذي هيأ الظروف لانطلاقة جديد نحو نشر الرسالة الإسلامية، فبدأ صلى الله عليه وسلم بإرسال الرسائل إلى الملوك والرؤساء لدعوتهم إلى دين الله وقد أبدوا الصحابة استعدادهم التضحية والتوجه لأي جهة يريدهم لها رسول الله صلى الله عليه وسلم "... فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نُؤَدِّي عَنْكَ، فابْعَثْنَا حَيْثُ شِئْتَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بن حُذَافَةَ السهمي إِلَى كِسْرَى، وَبَعَثَ سَلِيطَ بن عَمْرٍو إِلَى هَوْذَةَ بن عَلِيٍّ صَاحِبِ الْيَمَامَةِ، وَبَعَثَ الْعَلاءَ بن الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْمُنْذِرِ بن سَاوَى صَاحِبِ هَجَرَ، وَبَعَثَ عَمْرَو بن الْعَاصِ إِلَى جَيْفَرَ وَعَبَّادِ ابْنِي جَلَنْدَا مَلِكَيْ عُمَانَ، وَبَعَثَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ إِلَى قَيْصَرَ، وَبَعَثَ شُجَاعَ بن وَهْبٍ الأَسَدِيَّ إِلَى الْمُنْذِرِ بن الْحَارِثِ بن أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ، وَبَعَثَ عَمْرَو بن أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ إِلَى النَّجَاشِيِّ وبعث الحارث بن عمير الأزدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني " ملك بُصرى وقد كان في السنة الثامنة للهجرة الموافق 629 م وقطع الحارث كالأسد الهَصُور تلك المسافات والفيافي من المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم، ولا نعرف كيف وصل الديار الشامية بين مشقة وصعبة وعطش وجوع وقطاع طرق ووحوش وصحراء لا يعلوها سوى السراب والكثبان الرملية وأشعة الشمس المحرقة في قر وحر ومسير ليلا ونهارا كيف لا يتيه في هذه الصحراء المنقطعة المعالم إلا من نجوم السماء، أي رجل هذا يجوب الصحراء وحيدا طريدا من أجل الله ورَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ،كيف قطع ما يقارب من الف كيلو متر وبقي عليه لوصوله إلى بصرى الشام خمسمائة كيلو، حط رحاله ليستريح وهو لا يعرف أنه سيلاقي مصيره الذي جاء من أجله إذ عَرّضَ له شرحبيل بن عمرو الغساني، والي البلقاء- فكانت وصمة عار على جبين شرحبيل إلى يوم الدين--، فقال: أين تريد؟ قال : الشام، قال: لعلَّك من رسل محمد، قال: نعم، أنا رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ ، فأمر به فأوثق رباطاً ثم قَدمه فضرب عنقه صبراً،- أي يقدَّم الرجل فيضربَ عنقه فيقال قُتِل صَبْراً يعني أَنه أُمسِك على المَوْت—ولم يقتل لرسول الله رسول غير الحارث رضي الله عنه، الله أكبر الظلم ليس وليد الساعة من زمن قابيل وهابيل، وبذلك يكون هذا القاتل ينطبق عليه المثل على نفسها جنت براقش -- وقد قُتل الحارث شهيدا في منطقة اسمها (اللبون)قرب مدينة بصيرا في محافظة الطفيلة جنوب الأردن، تبعد عن عمان العاصمة حوالي (200) كم ودفن هناك، على جانب الطريق العام وأقيم في المكان مسجدا من الحجر البيض وتعلوها مئذنة بطول 24 مترا على مساحة أرض حوالي 2300 متر مربع بناء حديث. وداخله مقام الصحابي الشهيد الحارث بن عمير الأزدي رضي الله عنه، ويوم القيامة " يَجِيءُ –المقتول الحارث - مُتَعَلِّقًا بِالْقَاتِلِ- شرحبيل- تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، يَقُولُ : رَبِّ سَلْ هَذَا لِمَ قَتَلَنِي ؟"وبذلك احتضنته أرض الرباط،وصعدت روحه إلى رب السموات وقد حمل الرسالة وأدى الأمانة ومات شهيدا، وكان هذا الحدث الجلل بدايات معركة مؤته فقد تأثر صلى الله عليه وسلم لمقتله وجمع الصحابة الكرام لاستشارتهم ثم عزم صلى الله عليه وسلم على الأخذ بمقتله في الشهر الثامن من العام نفسه في 8 للهجرة وفق 629 م وهي معركة مؤته. وإلى لقاء مع معركة مؤته الشهداء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق