الجمعة، 23 فبراير 2018

وداعآ اماريلتو بقلم /فؤاد أحمد منسي

قصة قصيرة ٠٠ وداعآ اماريلتو
فؤاد أحمد منسي

شارع اذريانو المزدحم دومآ بالمارة ! لا ينام ليلآ ولا ينقطع نهارآ ٠٠ حتى في أشد أيام البرد والمطر وفي أوقات الصيف الحار ٠٠ فيطالعك بشغف الحضارة الحديثة والمقاهي المتلاصقة من جانب واحد وعبق التاريخ حين تسير بقدميك على ارضيته المبلطة بالحجارة ! فتتنقل منه الى سائر أروقة ودروب الأزقة ب اثينون القديمة بأبهى الصور وجمال لوحاتها ٠ بنشوة وبهاء تثلج الأنفس وتبهج الأفئدة ٠
نعم انها وسط أثينا المليئ بالحيوية والمفعم بالأمل ٠٠ فيشقه خط القطار الأول الواصل بين بيرياس الساحل وبين كيفيسيا الجبل بأروع وأجمل المشاهد الانطباعية ! لكن احذر اللصوص الرومان داخله فهم لا يسرقون الكحل من العين ٠٠ انهم لا يسرقون الا المحافظ !!
اماريلتو شاب عشريني من أصول البانية أجبرته ظروفه التي اختارها بنفسه على العيش مشردآ بهذا الشارع ! يفكر بأن كل شئ يؤخذ عنوة ! وأن البقاء فقط للأقوى ٠٠ يسرق ويبيع ويعتاش بالحيلة ٠٠ فلا يرى أجمل من هكذا حياة ٠٠ اعتزل أهله بركن قصي بحديقة عامة جوار البارثينون ! كل يوم يلقي التحية على تمثال اذريانو الصامد على مر السنين ! حتى اصبح يظن بهذا الفصام أنه ذلك الهيكل ٠
استاء والده كثيرآ من ابنه العاق ٠٠ وبائت كل جهوده لعودته الى أهله بالفشل ٠٠ فانهال على ابنه ضربآ بيديه أمام حشود المارة ! فما كان من هذا ال اماريلتو اللعين الا اعادة الكيل على والده بمكيالين فأرداه ارضآ والناس تحول بينه وبين والده ! فأخذ الأب يرقب ولده بشفقة تارة وبخوف تارة أخرى ٠٠ وبعدما استتب الوضع وهدأت المشكلة بينهما ٠٠ جلس الأب على كرسي أمام المقهى وناداه !
نحن بحاجتك يا ولدي ! وهذه الحياة التي تعيشها غير ذي نفع ! فوالدتك واخوانك بانتظار عودتك ومد له يد المسامحة ! فما كان من اماريلتو بد من احتضان أبيه والبكاء !!! ثم انهال عليه بكرسي خشبي أدماه وولى هاربآ ٠٠!
مضت أيام ثلاث ٠٠ فاذا به يجلس على عتبة محطة القطار بذات الشارع ! أطبقت عليه مجموعة شبان من حزب الايناركيكي ما بين الأربعين أو الخمسين عددآ ! يحملون جميعآ عصي البيسبول وعليها علم الدولة فأوسعوه ضربآ من كل جانب ٠٠ وقد أفسحوا له ثغرة للهروب كما الفأر زاحفآ لتنهال عليه المارة ركلآ حتى أحس بطعم الهزيمة

مع تحياتي
فؤاد أحمد منسي
أثينا ٠٠ ايلاذا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق