الاثنين، 22 يناير 2018

9 شارع زهرة الصبار قصة : ثروت مكايد

9 شارع زهرة الصبار
قصة : ثروت مكايد
( نشرت في جريدة القاهرة )
-1-
لم تكن غير نظرة أشعلته ، وأحالت خمود حياته لهبا غير أنها لوت عنقها عنه حين وجدته قبالتها، وقالت : 
- ألن تكف عن جنونك !
- ما أنا إلا أسير.
- سأطلب الشرطة ..
- لا تستطيع قوة في الأرض أن تبعدني عنك .
ضربت كفا بكف ، وتمتمت :
- مجنون !!
-2-
أحس برغبة عارمة في تتبعها حتى بيتها غير أنه مال إلى قهوة في الطريق . كان شارد اللب وهو يمص خرطوم الشيشة ، وينفث دخانها في الهواء الصاخب حوله . انتبه فجأة على صورتها وقد تشكلت في سحب الدخان التي تخرج من فيه . كانت تضحك له وتدعوه لأن يتحرك ..لأن يأتي إليها مما أكد إحساسه بأنها تحبه بل تعشقه عشقا كما يعشقها . قام . تحرك صوب بيتها . صعد السلم . دق الباب بيد مرتعشة . إنها رعشة الفرح كما أكد هو نفسه ، وحين فتح الباب عن وجهها القمري ؛ استحال لونها إلى لون التراب.لم تدر ما تقول .. تمتمت ذاهلة :
- أنت !
- جئت كما أمرت..
- أنا أمرتك !
- نعم وكنت تضحكين ..
-ّزوجي بالداخل ..
- سأخبره بكل شيء. لن يقف في طريق سعادتنا .
-3-
رقصت ابتسامة على شفتيه ، وقال منتشيا بلذة النصر :
- ألم أقل لك أن الحب يصنع المعجزات ؟
ردت باهتة الوجه وكأنما تحدث نفسها :
- أي لعنة حطت على شجرة حياتي!
- أنت تعشقين وجهي .
أرادت أن تبصق في وجهه لكنها تمالكت نفسها ، وقالت محذرة :
- إن لم تغرب عن وجهي ف.....
قاطعها ولم يزل منتشيا بلذة الظفر :
- ولم طلقك إذن ؟
- غبي مثلك..
- ولم لا يكون قد استمع لمنطق العقل حين أخبرته بعشقك لي ، وعشقي لك ؟!
وتساءلت في شرودها المقيم :
- متى تنتهي الآلام يارب!
-4-
تمدد بجوارها فوق السرير . راح يدخن سيجاره الذي أعده لهذه المناسبة.كانت في غلالة وردية كما بدت له من خلال سحب الدخان الذي نفثه من شيشة القهوة لكنها لم تبد خلال دخان سيجاره ، فاحترق ..وقال بامتعاض :
- لم وافقت على الزواج!
مشدوهة نظرت إليه ، وقالت :
- كي أستريح .
- مني ؟
- لقد حولت حياتي إلى جحيم .
- هل كنت تحبينه ؟
- ذلك شيء مضى ..
- لكنه سارع بتطليقك ..
- وسارعت أنا بالاقتران بك !
- نادمة ؟
- لا أعرف..
- لكني نادم .
-5-
خمدت النيران ولم يبق غير الملل . قال تبا للحياة وللموت معا .. وقالت :
- ولم لا تعرض نفسك على طبيب ؟!
رد بعصبية :
- أنا أكثر رجولة من طليقك ..
ساخرة ردت :
- هذا واضح ..
- أتسخرين مني!
- لم حطمت حياتي مادمت.. مادمت..
انخرط في بكاء حار رغما عنه. ود لو يضرب الحائط برأسه ، وود أكثر لو أنها لم تكن . لمع بريق في عينيه فجأة . اتجه ناحية المطبخ . تناول سكينا ، وقال صارم الملامح ، جامد الانفعال :
- سوف ينتهي كل شيء .
-6-
نفخ دخان سيجاره في رأسها الموضوع على المائدة. غامت لذته ، ولم يبق في رأسه أي شيء . إن فراغا احتله . كاد أن يتلاشى ..وتمتم في شروده :
- ما جاء بهذه الرأس هنا !!
هاله ما وجد من دماء فوق قميصه . ارتجفت قدماه وقد أبصر الجثة فوق أرض الصالة مقطوعة الرأس .اتجه إلى الهاتف .أدار قرصه البني اللون بيد مرتعشة ، وتمتم باهت الصوت :
- سيدي.. لقد وجدت جثة في شقتي ..نعم ..جثة ..9 شارع زهرة الصبار..نعم..أنا في الانتظار..لن أتحرك .
تمت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق