سم الله الرحمن الرحيم
الأوائل في النساء " أم سليم أكرم مهور النساء"/1
مقالة للدكتور أحمد محمد شديفات/الأردن
بدأ الناس في هذا الزمان يتفاخرون ويتباهون ويتبارون ويتباكون ويتسابقون ويتنافسون بين المغالاة في مهور النساء وكأنها سلعة بين عرض وطلب فتجد الأفراح والليالي الملاح والطبخ والنفخ والحلوى والبلوى المبالغ فيها والهدايا والملابس والذهب وأمثاله من الماس ووجع الرأس، والحجوزات في أفخر الصالات والفنادق ويدعى اليها ذوو الأبهة والعظمة والبأس ويكون قائد الجاهة تتوافر فيه شروط الوجاهة، وبالمقابل والد العروس يختار منحوس يعطي للآخر دروس وتبدأ منازلة المديح والثناء والإطراء المباح، وتبدأ المساومة والمراوغة على مهر العروس...ويا حسرة إذا وقع خلاف كم هي قضايا المهور والعطور والحلف بالأباء والأمهات والكذب والبهتان وتكاليف الحفلات يندى لها جبين من مات، فالسلف غير الخلف هذه حالة فريدة وجدتها على صفحات أسد الغابة وحياة الصحابة والإصابة في تمييز الصحابة لسيرة أعز امرأة كان لها السبق في الأوائل من النساء هي أم سليم أن جعلت مهرها مقابل إسلام زوجها، فقد سجلت وسطرت لها ولأولادها الى يوم القيامة مناقب لا تُنسى فهي أم سليم بنت ملحان، والدة الصحابي الجليل أنس بن مالك بن النضر رضي الله عنهما، خادم الرسول صلى الله عليه وسلم لمدة عشر سنين متتاليات، كانت تحت مالك بن النضر فأسلمت ورفض هو الإسلام وقررت أن تكون من السباقين للإيمان وهذا يدل على شخصية واعية ومميزة، وتركته وحاله وضحت بالحياة الزوجية لهذا الشأن، وخرج زوجها إلى بلاد الشام وبها مات مشركا، وتمر الأيام ويأتيها الخطاب يطرقون الباب، ويأتيها أحد المشركين أسمه أبو طلحة زيد بن سهل، وقد راودتها فكرة لم ترد على مخيلة إنسان وجاء على خاطرها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم(فَوَ اللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ من أن يكون لك حمر النَّعَم...) إذن جاءت الفرصة المواتية التي تنتظر تنفيذها، فقد تقدم لخطبتها أبا طلحة، فقالت: كلمة لا مجاملة فيها ولنسمعها من أبنها أنس بن النضر رضي الله عنه فهو ينقل لنا ما دار من حديث بين أمه وأبا طلحة، طبعا أبا طلحة لم يسلم بعد (قال أنس:- «خطب أبو طلحة أم سليم -رضي الله عنها- قبل أن يسلم فقالت: أما إني فيك لراغبة، وما مثلك يرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم فذاك مهري، لا أسأل غيره» عرض مغري خاصة في زمان العوانس اللواتي لا يعجبهن العجب شبكة وذهب وماس وأثاث وبيت وحفلة في أفخر الصالات والفنادق وعدد الحضور وغلاء المهور والطَّنْج والغُنْجُ وما لا يستطيع ان يدفعه قارون، ومواصفات ومقاييس الزوج وأهله وحسبه ونسبه...فعلا زمن السلف الصالح ولى فهم سهلوا الحلال فأصبح الحرام صعب المنال ، ونحن صعبنا الحلال فأصبح الحرام سهلا المنال، بناء عش الزوجية يحتاج إلى ثقة وتكاتف ويقوم على التفاهم والوئام والوسطية، فكرت أم سليم بهذا الطرح المميز وضعت أسسا للبنيان المتين، وأن المال آتي ورائح، وأن الدين المعاملة فالدين أولا ثم القناعة والأخلاق والصبر والتحمل كما فعلت أم سليم وهي صاحبة خبرة في هذا المجال وحسن اختيارها لأبي طلحة، الزواج ليس عَفَشَا، أنظر فطرة المخلوقات ومنها نستفيد فالطير مثلا الأثنان الذكر والأنثى يتعاونا على بناء عش صغير قشة قشة بدون ضجة،ثم يتعاونا على إطعام الصغار وتدريبهما على الطيران..." وعلى مسمع من أنس رضي الله عنه دار الحديث بين أمه وأبي طلحة، وهي تدعوه إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة وعبارات قوية ممزوجة بالطيبة والأغراء والجزم والحزم – أنت محبوب لدي ولي فيك رغبة، هذا تلميح صريح ورغبة بالزواج، ولمكانتك المرموقة بين قومك فطلبك لا يرد نوع من الاستدراج من أجل موافقتها، بعد هذا الإيجاز يأتي التصريح وبيان المراد، "أنت رجل كافر وأنا امرأة مسلمة" كم من مسلمة في هذا الزمن الرديء بعض من أهله تزوجت كافرا لجماله أو ماله أو جنسيته.. يذهب المال والجمال وتبقى الحال على ماهي عليه، ما سمعت بهذا أم عمارة وما كان ليحصل هذا في الأوائل في النساء، ثم نكمل الحوار لنرى على ماذا ينتهي بينهما...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق