الأحد، 24 ديسمبر 2017

( تابع قصة حرف ) ( 10 ) ( البوح أبعـ ــــد في مداه من الحروف ) ... بقلم / د. مهندس / إياد الصاوي.

( تابع قصة حرف ) ( 10 ) ( البوح أبعـ ـــ ـــد في مداه من
الحروف ) .... بقلم / عابر سبيل د. مهندس / إياد الصاوي.
غادرت مدينة السّلام ... وأديتُ عن أمي رابع حجّة
الإسلام ...فلمّا قضيت بعون الله التفث ... واستبحت الطيب
والرَّفث ... جائنى الحرف يتوكأ على عصا التقصير ... فهو
كسير ... ويتردد نظره بيني وبين الأرض وهو حسير ...
فقلت : مالك ؟؟ .. فقال : أسير ... أعياني البيان عن
التبيان ... فقهقهت حتى علا ضجيجي ... ورأيت الفرصة
سانحة بيني وبين حرفي إما أن أكون حجيجه أو يكون
حجيجي ... فقال : ويل للشجيّ من الخليّ ... قلت : دعنا
نتناول الشراب ... لئلا يختلط علينا الماء بالسراب .... قلت ما
تحب ؟؟ قال : الرضاب ... قلت : رضاب من ؟؟ قال : من
اسمها يطعن طعن السيوف ... والنُبْلُ مَنْبِِتُ حُسنها
الموصوف ... البوح أبعـ ـــ ـــد في مداه من الحروف.. اسم
إذا ما صافحَ الأسماعَ يوماً تبسّمَتِ الضمائرُ والقلوبُ
قلت : ها أنت قد ألغزت !! ... وفى بيانك قد أعجزت ... ألا
تتكلم كلاما جيد الطبع، مقبول في السمع، قريب المثال، بعيد
المنال، أنيق الديباجة، رقيق الزجاجة، يدنو من فهم سامعه،
كدنوّه من وهم صانعه ....
قال : ألم تسمع حين قالت : قد أكثرت !!! قلت : فما كان
جوابك ؟؟ قال : قلت بل قصرت ... فضحك مستغربا ... ثم
أنشد مطربا :
أتقتُلني ظُلماً وتجحدُني قتلي *** وقد قامَ مِن عينيكَ
لي شاهِدا عَدْلِ
أغارَ على قلبي فلما أَتيتُهُ *** أطالبُهُ فيهِ ، أغارَ
على عقلي
إذا جئتُها صدَّتْ حَياءً بوجهِها *** فتهجرني هجراً أَلذَّ
منَ الوصْل
أَقولُ لقلبي كلَّما ضامهُ الأسى : *** إذا ما أبيتَ العزَّ
فاصبرْ على الذُّلِّ
وجدْتُ الهوى نَصلاً لموتيَ مُغمداً *** فجرَّدتُهُ ثمَّ اتَّكيت
على النَّصلِ
ثم صرخ يا ويلاه ... فأيقنت انه أوّاه ... فأحببت أن أخفف
عنه الكَمَد ... وان أحمل عنه بعض ما يجد ... فقلت : هل لك
في السِجال : فنقضى الليلة بوصال ... فكأنما نَشِطَ من
عِقََال ... قلت : اليوم أسبر غوره ... وأعلم إلى أىّ مدى ينتهي
طوره ... فقلت :
بزمامِ الهوى أَمُتُّ إليهِ *** وبحُكم العُقارِ أَقضي عليهِ
ناولَ الكأسَ واسْتمالَ بلحظٍ ** فَسقَتْني عَيناهُ قَبلَ يَديهِ
فأعرض مبتسما .... ثم أنشد مترنما :
مَن لم يَمُتْ عَبطَة ً يمُتْ هَرَماً الموتُ كأسٌ والمرءُ ذائقُها
كأنما باتَ ناعِماً جَذِلاً في جَنَّة ِ الخُلدِ مَن يعانقُها
فجاوبته :
مُعَذِّبَتي رِفْقاً بِقَلبٍ مُعَذَّبِ *** وإنْ كانَ يُرْضِيْكِ العَذابُ
فَعَذِّبي
فتبسم تبسم ساخر ... وأجاب :
هَتَكَ الحِجابَ عَنِ الضَّمائِرْ *** طَرْفٌ بِه تُبْلى السَّرائِرْ
يَرْنُو فَيَمْتَحِنُ الْقُلو *** بَ كَاَنَّهُ في الْقَلْبِ نَاظِرْ
يا ساحراً ما كنتُ أعـْ *** ــرِفُ قبلهُ في الناسِ ساحرْ
فقلت : ألَستَ تَرَى ما في العُيونِ من السُّقْمِ ... لقد نحلَ
المعنى المدفَّقُ من جسمي .... فقال من غير توانى : عوّذها
بالسبع المثانى ... فقلت :
يا سالب القلب منـي عندما رمقـا *** لم يبق حبـك
لي صبـرا ولا رمقـا
لا تسأل اليوم عما كابدت كبـدي *** ليت الفراق
وليت الحـب ما خلقـا
يا مـن تجلـى إلى سـري فصيرنـي *** دكا وهـز فـؤادي
عنـدما صعقـا
فانتهى إلىَّ .... وهزَّ منكبيَّ ... وقال :
الْجِسْمُ في بَلَدٍ والرُّوْحُ في بَلَدِ
يا وَحْشةَ الرُّوْحِ، بَلْ يا غُرْبَةَ الْجَسَدِ
إِنْ تَبْكِ عَيناكَ لِي يَا مَنْ كُلِفْتُ بهِ
مِنْ رَحْمَةٍ، فَهُمَاْ سَهْمَانِ فِيْ كَبِدِيْ
فقلت : أليس لها من وصف ناجز ؟؟ ... فقال : سبحان الله !!
ألست تراني أتوكأ على عصا عاجز ؟؟ قلت : ألق عصاك ..
واصدع بهواك ... فقال :
أهوى رشأَ رشيِّقِ القدِّ حلي *** قد حَكّمَهُ الغَرامُ
والوَجدُ عَلَيّ
إنْ قُلتُ:خُذِ الرّوحَ!يقُلْ لي:عَجباً! *** ألرُّوحِ لنا فهاتِ
من عندكَ شي
فغلبني بسحره ... وأيقنت أمره.... وقضيت الليل معه في
سمر ... آنق من حديقة زهر ... فقال : هذا أوان السلوان ...
وآن انبلاج الفجر وحان ... وجعل يقول :
بات عليلاً يحْتويه الجوى ***قلْبٌ بنار الشّوْق حينﹶ اكْتوى
يـُكفْكفُ الدّموع منْ حرْقةٍ ***ويحْتسي في البعْد خمْرﹶ الهوى
فقلت : هاك صك العهد إنها ( أنثاي ) وهذه شهادتي .....
أختمه ببصمة أصبعي ... قال : وأنا أختمه ببصمة دمى .....
( دعيني أحبك كما أشتهى ) وتوجع وأنا أرمقه ... وصاح
وصوته يسبقه :
أدعو الذي صرف الهوى ... مني إليك ومنك عني
أن يبتليك بما ابتلاني ... أو يسل الحب منـي
ثم اغرورفت عيناه بالدموع ... وآذنت مدامعه بالهموع ...
فكَرِهَ أن يستوكفها ... ولم يملك أن يكفكفها ... فقطع
إنشاده المُسْتَحلى ... وأوجز في الوداع وولى ..
Image may contain: flower and nature

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق