قصة / اذكرينى
بقلم الكاتب والشاعر / على محمد ( الفيلسوف)
إنتصف النهار فى إحدى ليالى الصيف وتوقفت سيارة حديثة أمام فندق كبير فى إحدى المدن الساحلية ونزل منها رجلأ فى أواخر الثلاثين من عمره مرتديا حلة سهرة سوداء ويبدو متأنقاً بشدة ودخل سريعاً للفندق وأستقبله أحد الأشخاص مرحباً به وهو يصطحبه إلى داخل أحد قاعات الفندق الكبيرة حيث كان هناك إستقبالاً حافلاً له وبدأ المصورون فى إلتقاط الكثير من الصور وبدأت عدسات كاميرات التلفزيون تسعى فى محاولة الحديث معه وتوقف ينظر حوله ويتلفت يميناً ويساراً وهنا سمع صوتاً من خلفه يقول : أنا هنا يا أستاذ / أحمد ، تنفس الصعداء وهو يجيب عليه : اخيراً حضرت يا محمود، كان هناك حفل كبير لتكريم الكاتب / أحمد سليم وذلك لصدور العدد الجديد من إحدى رواياته التى ذاع صيته فى الوسط الثقافى والأدبى ولمع نجمه وأصبح من أكثر الأدباء والكُتاب فى مصر والبلدان العربية وكان هذا نتاج مجهود كبير فلقد بدأ من الصفر، وتعلم حتى أصقل موهبته وذاع صيته بعدها وصار من الأدباء المشهورين الذين يشار إليهم بالبنان ،وبعد دقائق قليلة نادى عليه القائم على الحفل وسط تصفيق وترحيب من الحضور فتوجه الأستاذ / أحمد إلى المنصة وتوقف للحظات ينظر إلى الناس المتواجدين فى القاعة وهم يصفقون له ، فكم كان هذا الحلم يداعب خياله منذ زمن طويل واليوم تحقق الحلم وبدأ الحديث بلهجته وصوته الهادئ شاكراً السادة الحضور والقائمين على هذا الحفل والتكريم الرائع له وبعد دقائق قليلة أنهى كلمته وصفق له بحرارة الناس من حوله مرة أخرى وتوجه الأستاذ أحمد إلى طاولة تم وضع عليها مجموعة كبيرة من نسخ الرواية التى تم تأليفها أخيراً كانت الرواية بعنوان " اذكرينى " توجه إليه العديد من الحضور وقام بالتوقيع لهم على العديد من النسخ الخاصة بالرواية وانسحب بعد وقت قصير إلى الخارج وجلس فى بهو الفندق وطلب فنجاناً من القهوة وسرح بأفكاره بعيداً بعيداً لسنوات قليلة قد مضت حينما كان فى بداية حياته وبعد أن إنتهى من دراسته الجامعية وبداية عمله بأحد الشركات ، حيث قابلها فى أحدى النوادى القريبة من منزله بحى الزمالك ، كانت جميلة بيضاء البشرة متوسطة الطول لها جسد رياضى ممشوق ولها ضحكة جميلة هى التى لفتت إنتباهه إليها كانت تجلس مع صديقاتها يتحدثن فى مرح وسعادة وإلتفت أحمد يتابعها من بعيد ، ثم سمع صوت الهاتف المحمول الخاص بها يرن وإحدى صديقاتها تنادى عليها مها .. مها .. فأنتبهت لها وأخذت هاتفها وتحركت من مكانها وأقتربت من أحمد دون أن تقصد وسمعها وهى تقول فى الهاتف : لن أتاخر يا أمى ساعة واحدة وسأعود للبيت لا تقلقى وأغلقت الهاتف، ثم عادت إلى صديقاتها وأستاذنت منهم وتوجهت إلى خارج النادى خرج أحمد مسرعاً خلفها ولكنها كانت قد ركبت سيارتها وانطلقت فى سرعة وهنا توقف أحمد وقد تسمر فى مكانه فلقد شغلت فكره هذه الفتاة الجميلة وأوقف سيارة أجرة وتوجه إلى منزله كان أحمد الابن الوحيد ووالده قد توفى منذ بضع سنوات وعندما دخل للمنزل كانت والدته قد أعدت له طعام العشاء فسلم عليها سريعا وقبل يديها وجبينها ثم أستاذن منها ليغير ثيابه ويعود ليتناول معها الطعام ودخل لغرفته سريعا فأبدل ثيابه وأخذ حماماً بارداً وخرج لأمه التى كانت فى إنتظاره بالخارج، كان أحمد قد بدأ يعمل فى أحد الشركات وكان وقتها أحمد بجانب عمله يهوى القراءة والكتابة ولكنه لم يكن متمرسأ نظراً لضيق الوقت فى العمل ولكنه كان مجتهداً فى عمله وهذا الأمر كان يأخذ من وقته الكثير ، ولكن عشقه للكتابة والأدب كان حافزاً له فى حياته ، تناول أحمد عشاءً خفيفاً ثم أستاذن والدته ليدخل إلى غرفته للنوم ودخل سريعاً و أخد كتاباً وبدأ يقرأ فيه لبعض الوقت ثم مالبث والنوم قد غلبه فنام فى مكانه على أريكة وثيرة بغرفته
استيقظ أحمد على صوت طرقات خفيفة على باب غرفته وسمع والدته تنادى عليه من الخارج فرد عليها مجيباً بأنه قد استيقظ فنظر لساعته فوجد الشمس قاربت على الشروق فقام من سريره وتوجه إلى الحمام سريعاً وخرج ليبدل ثيابه كانت والدته قد أعدت له بعض الفطائر مع الشاى فتناول إفطاره مسرعاً وودع والدته وخرج إلى عمله فاستوقف سيارة أجرة وتوجه إلى عمله بمنطفة المهندسين وتوجه إلى مكتبه سريعا وبدأ يطالع التقارير الموجودة أمامه كان يعمل محاسباً بالشركة وطلب من الساعى فنجاناً من القهوة وتابع العمل فى دقة شديدة حتى إنتهى اليوم سريعاً كسابقه وقبل أن يغادر قابل صديقه / علاء فسلم عليه وسأله هل سيذهب للمنزل مباشرة أم سيذهب كما تعود للنادى لبعض الوقت فأبتسم أحمد قائلاً : وهل تغيرت عاداتى منذ أن عملنا معا يا علاء ضحك كلاهما ونزلا سويا من الشركة كان النادى يبعد حوالى عشر دقائق من الشركة فقال أحمد لعلاء " ما رأيك أن نمشى سوياً إلى النادى فى هذا الوقت سيكون الطريق مزدحماً ، وافقه علاء ومشيا سوياً فى الطريق وهما يتحدثان عن الأحوال العامة فى البلد هذه الأيام ودور الحكومة فى هذه الأحداث الشائكة وفجأة وهو يعبر الطريق رأها تعبر بسيارتها الشارع المقابل للنادى وتدخل مسرعة إلى الداخل فأسرع أحمد ونسى أنه يمشى مع زميله الذى تسأل عن سبب إسراعه للدخول للنادى فقال أحمد : سأخبرك لاحقاً أسرع معى الآن وبالفعل أسرع الأثنان لداخل النادى وأخذ أحمد يبحث بنظره عن السيارة التى كانت تركبها مها وبالفعل وجدها قريبا من المبنى المؤدى لحمام السباحة فى النادى توجه مسرعا مع زميله لداخل حمام السباحة وهناك رأها كانت تجلس على طاولة مع صديقتيها فأشار بأصابعه عليها وقال لزميله : هذه الفتاة التى أبحث عنها يا علاء لقد رأيتها بالأمس ولكنى لم أستطع التحدث إليها ولا أدرى حقاً كيف أتحدث معها الآن إبتسم علاء قائلاُ : أنت تحبها يا أحمد نظر له أحمد مندهشاً فقاطعه علاء : نظرات عينيك وكلامك عنها يدل على هذا لو أردت رأيى إذهب إليها وأطلب منها الحديث لدقيقة وأسألها إن كانت مرتبطة أم لا هيا لا تقف هكذا !! فكر أحمد سريعاً فكيف يفعل هذا وهو لم يراها سوى بالأمس فقط أخذ يفكر برهة ثم عقد العزم وبالفعل توجه إليها ونادى عليها أنسة /مها ممكن دقيقة من فضلك !! تعجبت منه ولكن أسلوبه الهادئ جعلها تسأله بعد أن قامت من مقعدها : كيف عرفت إسمى ؟ وما الذى أستطيع أن أقدمه لك ؟ أخذ أحمد نفساً عميقاً وقال لها : لقد رأيتك بالأمس هنا فى النادى وسمعت إسمك من صديقتك قبل أن تذهبى مسرعة إلى الخارج إندهشت مها وتعالت علامات التعجب على وجهها قبل أن يكمل أحمد كلامه والذى جعلنى أتحدث إليك الآن هو أنى معجب بك وكنت أود أن أعرف إن كنت مرتبطة أم لا هذا فقط كل ما أريد ، نظرت إليه للحظات ثم قالت له: وماذا سيحدث بعد إجابتى يا أستاذ حتى إسمك لم أعرفه بعد ولكن لا يعنينا الأسم الآن ، لم ترُق لأحمد كلماتها ولكن تغاضى عن الطريقة التى أجابت بها وقال لها : اسمى أحمد سليم وأعمل محاسباً فى شركة .. قاطعته بفظاظة قائلة: لا أريد أن أعرف كل هذا ومن فضلك إبتعد قليلاُ فأنا أود الجلوس مع صديقاتى ، ولكنى أريد الزواج منك إن قبلت هذا ، ضحكت مها بإستهتار وقالت له :هل تعرف من أنا ؟ لقد عرفت الإسم الأول فقط ولكنك لم تعرف الباقى من إسمى ومن الواضح أنك لم تفكر أيضا قبل أن تقف أمامى للتحدث معى أنا / مها زيدان إبنة رجل الأعمال / شريف زيدان أتحب أن أقول لك من هو والدى أم عرفت وحدك هذا ، لم يكن يتخيل أبدا أحمد أن يكون هذا هو رد الفعل الذى كان يتمناه حقاً ولكن كلماتها كانت قد وقعت كالصاعقة عليه ولم يجد شيئاً سوى الإنسحاب حفاظاً على الباقى من كرامته من أمامها وعاد مطأطئ الرأس إلى زميله وخرج دون أن ينطق بكلمة واحدة من النادى
نهاية الجزء الأول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق