الأحد، 13 مايو 2018

قصة أذكرينى ـ الجزء الرابع ـ بقلم الشاعر والأديب على محمد على


الجزء الرابع
خرج الطبيب من عند أحمد بعد أن قام بعمل الكشف اللازم والفحوصات وأخبره بأنه يستطيع الخروج فى الغد بعد أن تظهر نتيجة الأشعة والفحوصات ولكن بصفة مبدئية كل شيئ على ما يرام ، شكره أحمد وبعدها خرج الطبيب من الغرفة وظل أحمد يفكر فى مها ونظر إلى يده التى أمسكت بها من قبل ووضعها على شفتيه وهو يقول لنفسه : لا أصدق نفسى وأكاد أشعر بأننى أحلم ولكنى شعرت بالحب فى نظرة عينيها ، نعم هذه نظرة حب صادقة ولن أدع الفرصة تمضى هكذا فى الغد حين تأتى سأخبرها بأننى أحبها وليكن ما يكون مرة أخرى برغم أنها قد صدمتنى من قبل برفضها وتعاليها ولكن قلبى لا يستطيع وعقلى أتعبه التفكير بها مرت الدقائق بطيئة عليه وتذكر بأنه لم يتصل على والدته فأخذ هاتفه من جواره وأتصل عليها وأخبرها أنه فى مأمورية خاصة بالعمل وسيعود فى الغد لكى لا تقلق عليه وبعد أن طمأنها عليه وأغلق هاتفه استسلم أحمد للنوم بعد عناء هذا اليوم الطويل .
استيقظت مها من نومها متأخرة عن المعتاد وأخذت حماماً دافئا وأبدلت ثيابها ثم خرجت لتناول طعام الإفطار مع والدتها كان والدها قد خرج مبكراً وجلست أمام والدتها وهى تتناول طعام الأفطار ونظرت إليها والدتها فشعرت أن هناك شيئا فى إبنتها فنادت عليها مرة ثم الأخرى حتى انتبهت مها لوالدتها وهى تجيبها نعم يا حبيبتى ماذا حدث ؟ قالت أمها أنادى عليك وأنت فى دنيا أخرى ما الذى حدث ويشغل تفكيرك لهذا الحد ؟ ابتسمت مها وهى ترد على والدتها لا أعرف يا أمى حقاً لا أعرف ماذا بى ؟ توترت والدتها وهى تلح فى السؤال عليها أخبرينى يا مها ماذا بك لا تقلقي قلبى عليكِ ؟ تنهدت مها تنهيدة عميقة وقالت لوالدتها سأخبرك يا أمى بكل شيئ وراحت مها تسترسل فى الحديث لتخبر والدتها بكل ما حدث منذ أن رأت أحمد لأول مرة وحتى الأمس وبعد أن إنتهت من الكلام قالت لها : لا أعرف إن كنت حقا متعاطفة معه أم أن قلبى يحب أحمد لا أستطيع الحكم سريعاً فأنا أيضا قد وعدت أبى بالجلوس مع العريس الذى قد أحضره لى وأخبرنى عنه منذ فترة ولا أدرى ماذا أفعل حقاً يا أمى ؟ أجابتها والدتها بعدم التفكير فى أحمد مجدداً لأنه لن يكون على قدر المستوى الذى تعيشين فيه والعريس الذى أحضره لك والدك من عائلة كبيرة ومرموقة وهو أيضا يعمل فى السفارة المصرية بفرنسا وهذه هى الحياة التى تمنيتها لكِ يا مها حتى أرتاح قبل أن أموت وليطمئن قلبى عليك ، أجابت مها سريعاً أطال الله بعمرك يا حبيبتى حتى تحملى أولادى وأولادهم أيضا وابتسمت مها لوالدتها واقتربت منها وطبعت قبلة على جبينها وأحتضنتها وقالت لها: حسناً يا حبيبتى لنؤجل كل هذا حتى أقابل العريس اليوم وبعدها ليكن ما يريد الله عزوجل ولنترك الأقدار تفعل ما تريد، قامت مها وودعت والدتها ثم خرجت سريعاً وهى تفكر هل تذهب كالعادة إلى النادى أم تمر سريعاً لتطمئن على أحمد وقبل أن تحسم أمرها رن هاتفها وكان والدها يريدها أن تأتى إليه على الفور فذهبت إليه مسرعة ودخلت عليه مكتبه وقام من مكتبه وأحتضنها وطبع قبلة على خدها وطلب منها أن تجلس جواره ونظر إليها فى تأمل وهو يقول لها : لقد حددت اليوم الساعة السابعة مساءً موعداً للعشاء مع والد / مروان لنتقابل سوياً كما أخبرتك من قبل وأريدك اليوم أن تكونى فى قمة الجمال ولا أريد أى شيء يشغل تفكيرك إطلاقاً فأنا أريد حسم هذا الأمر لأن هذا الشاب على خلق ومن عائلة مرموقة ، بمعنى أدق هو عريس لا يمكن رفضه مطلقاً ، أجابته مها : لقد أخبرتنى والدتى منذ قليل عنه يا أبى ، ابتسمت مها وقالت له : لا تقلق يا أبى سأفعل كل ما تريد منى ولكن سنظل على الإتفاق الذى وعدتنى به إن لم أرتاح له فلن أوافق عليه مهما حدث ، رد عليها وهو يبتسم أيضاً وأنا موافق فأنا لن أزوجك أبداً رغماً عنك مهما كان هذا الشخص فأنتِ إبنتى الوحيدة المدللة التى لا يوجد فى الدنيا سواها والتى سترث كل شيئ من بعدى ولن أخاطر يوماً بسعادتك وحياتك يا مها أحتضنت والدها فى حنان وحب وقامت من مكانها وهى تقول له : اتفقنا يا أبى الحبيب سأذهب الآن لأستعد وأراك فى البيت بالمساء وخرجت سريعاً مها وتوجهت إلى الكوافير التى إعتادت دائما الذهاب إليه بعد أن اتصلت بصديقتها ريهام لتأتى لتكون معها فى هذا اليوم .
استيقظ أحمد على طرقات خفيفة على باب الغرفة ودخلت الممرضة لكى تعطيه بعد الأدوية التى أمر بها الطبيب له فنظر حوله وهو يسألها عن الساعة الآن فنظرت إلى ساعتها وأخبرته إنها الثانية عشر ظهراً فتعجب أحمد لقد نام كثيراً جدا فهو لم يعتاد على النوم الطويل هكذا ولكنه توقع أنه من تأثير بعد المهدئات والأدوية التى أخذها بالأمس خرجت الممرضة بعد أن أعطته الأدوية وأخبرته بأن الطبيب سيمر عليه بعد ساعة من الآن لكى يأمر بخروجه من المستشفى فهو الآن على ما يرام وفى أحسن حال ، شكرها أحمد ثم جلس يفكر وهو ينتظر دخول مها عليه بين الحين والحين ومضت الدقائق سريعاً وفجأة سمع طرقات على الباب ودخل الطبيب عليه فاندهش أحمد كان يتوقع أن تكون مها فهى كانت قد وعدته بأن تأتى فى هذا الوقت لكى تراه فابتسم الطبيب وهو ينزع عنه الأسلاك والمحاليل التى فى يديه وهو يقول له أعتقد أنك الآن فى أحسن حال وتستطيع الخروج ولكن أرجوك ألا تقوم بعمل أى شيئ بدنى مرهق لمدة يومين وسأكتب لك على بعض الأدوية التى ستساعد على سرعة الاستشفاء لتعود حياتك كما كانت من قبل ، شكره أحمد وقام ليرتدى ملابسه وهو يمنى نفسه بأن تأتى مها فى أى لحظة ولكن الوقت كان قد مر سريعاً وانتصف النهار فخرج من غرفته ونزل من المستشفى متوجها إلى المنزل وهو يقول فى قرارة نفسه بالفعل بأنها قد تناست أمره ولقد كان مخطئاً منذ البداية فى تفكيره ، أوقف سيارة أجرة وطلب من سائقها إن يقوم بتوصيله إلى المنزل وبعد فترة قصيرة توقفت السيارة أمام البناية التى يسكن فيها فصعد أحمد لمنزله ودخل على والدته وهو يحاول ألا يظهر عليه أى شيئ من التعب حتى لا يقلقها وأخبرها بأنه مرهق من السفر ويريد الراحة ولا توقظه إلا حين يستيقظ هو بنفسه لأنه إجازة فى الغد ، فهو طلب إجازة من عمله لمدة ثلاثة أيام ودخل لغرفته وهو يفكر ويفكر فى كل ما دار خلال الأيام الماضية وبعد أن أيقن بخذلان مها وعدم إهتمامها بالحضور كما وعدته بدأ اليأس يتسرب إلى قلبه وشعر بتثاقل وتعب فى أنحاء كثيرة بجسده فتناول الدواء الذى كتبه له الطبيب ثم توجه لفراشه وخلد إلى النوم .
إنتهت مها من الإستعداد لحضور العريس وتزينت فى أبهى صورها وأرتدت فستاناً وردياً وأسدلت شعرها على كتفيها ، وتوجهت للمنزل سريعاً وكانت الساعة قد إقتربت من السابعة مساءً وكان والدها قد أعد كل شيئ خاص بهذه المقابلة وبعد دقائق قليلة رن جرس الباب ففتحت الخادمة الباب بسرعة ودخل والد مروان ووالدته ومن بعدهم دخل مروان وأخيه الأصغر فرحب بهم والد مها ترحيبا شديداً وخرجت عليهم مها فوقف مروان ليسلم عليها كان مروان شاب فى الثلاثين من عمره وقور المظهر وسيم الملامح كما أخبرها والدها عنه ابتسمت مها فى ود وترحاب وسلمت على والدى مروان بأدب شديد وجلست بجوار والدتها فتكلم مروان سريعاً أنا سعيد جدا بهذه المقابلة يا عمى ولأن الوقت من ذهب فأنا أطلب منك يد إبنتك مها فهل تقبل بى زوجا لها ؟ تبسم الأب وقال لمروان : أنا لا يوجد عندى أى مانع إطلاقاً ولكن أريدك أن تتكلم مع مها إبنتى لبضع دقائق أولا وبعدها سأخبرك برأيى النهائى ، تبسم مروان وقام من مقعده متوجها إلى مها وأخذها من يدها وتوجها سويا إلى الصالون المواجة للردهة الواسعة بالبيت وجلس مواجهاً لها وهو يقول لها : بمنتهى البساطة والوضوح انا أعمل فى السفارة فى باريس ملحق ثقافى وحينما فكرت فى الزواج قررت أن أتزوج من مصرية لأننى والحمد لله أحافظ على دينى رغم كل ما أشاهد وأعايش فى فرنسا لكنى ملتزم جداا وحينما أخبرت والدتى برغبتى فى الزواج أخبرتتى والدتى عنك لأنها صديقة لوالدتك منذ زمن بعيد ولكنهما تقابلاً بالصدفة فى أحد الحفلات الخيرية وتحدثا معاً وتعددت اللقاءات بينهما وحينما عرفت أن لها إبنة فى سن مناسب للزواج طلبت منها أن نتقابل سوياً لكى أقرر ومنذ أول وهلة حينما رأيتك حقاً أعجبت كثيراً وأنا أعلم جيداً مستوى عائلتك الراقى الذى هو مماثل تقريبا لعائلتى هذا انا بشيئ من الإختصار ، إبتسمت مها وقالت له : كل هذا وبإختصار فضحكت وضحك مروان وقالت له : أنا أدرك إن والدى لن يأتينى بإنسان غير جدير بى وأنت أيضا تعجبنى وأنا أوافق ولكن هل سيكون لنا منزل هنا أم سنسافر معا إلى فرنسا ؟ رد مروان سيكون لنا هنا منزل بالتأكيد وهناك أيضا وأى شيئ ستطلبيه سأنفذه بلا تردد يا مها ، هيا بنا الآن لنخبرهم بقرارنا وتوجها بسرعة إلى الأسرة وقال مروان: لقد وافقت مها على الزواج منى يا عمى فتعالت الزغاريد فى المنزل والضحكات وتبادل الجميع القبلات والتهانى وأتفقوا على أن يكون الفرح سريعاً لسفر مروان وحددوا بعد أسبوع الزواج فكل شيئ موجود عند الأثنين ولن يحتاجوا لأى شيئ وأخرج مروان من جيبه علبة صغيرة بها خاتم مرصع بالماس وقال لمها : هذه هدية بسيطة لكِ ووضع الخاتم فى إصبعها ثم طبع قبلة بسيطة على يديها فسحبت يدها فى خجل وتعالت الضحكات والزغاريد ومضى الوقت سريعاً واستأذن مروان وأسرته فى الإنصراف على أن يمر عليها مروان فى الغد لينزل معها ليختار معها فستان الزفاف فوافقت مها وودعته وبعد إن إنصرف الجميع دخلت غرفتها وهى سعيدة جداا بكل ما مر بها اليوم وفجأة تذكرت أحمد وأنها نسيت تماما أمره وعدم المرور عليه للإطمئنان عليه وقالت لنفسها : غدا إن وجدت فرصة سأمر عليه لكى أراه وتناست كل شيئ وأنشغل عقلها بمروان وبالسفر إلى فرنسا والعيش هناك ، وبعد أن أبدلت ثيابها جلست فى سريرها تفكر فى مستقبلها مع مروان ثم أغلقت عينيها ونامت .
نهاية الجزء الرابع
يبImage may contain: one or more people and text

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق