الجزء الثانى
تابعت مها من بعيد أحمد وهو ينصرف وأحست ببعض الضيق من أسلوبها الفظ معه فلم تكن تتوقع أن يكون هذا هو رد فعلها تجاهه وقبل أن تعاود النظر إلى المكان الذى كان يقف فيه أحمد بعد أن غادرها كان قد إختفى من أمام عينيها فسألتها صديقتها / ريهام ماذا حدث يا مها ؟ قالت لها بسرعة كل ما حدث وعن طريقة ردها على أحمد وشعورها بالذنب الشديد تجاهه ، كانت مها بالفعل من أسرة ثرية جدا ولكنها كانت تحمل بداخلها مشاعر جميلة فهى كثيرة الخير وتقوم بالتبرع باستمرار لبعض الجمعيات الخيرية وهى محبوبة بشدة من أصدقائها فبعد أن تخرجت من الجامعة طلبت من والدها العمل فى أحد شركاته الكبيرة ولكنه رفض وبشدة أن تعمل إبنته وكان يعطيها كل ما تريد ببذخ فهى كانت إبنته الوحيدة وكل عام يستبدل لها سيارتها بأخرى من الأنواع الحديثة ولا تطلب منه شيئاُ إلا وينفذه لها ، كل هذا إلا وإنها فتاة رقيقة رغم كل ما تملك من المال إلا أنها لا تتعالى على من حولها ولهذا يحبها العديد من صديقاتها ولكن كيف فعلت هذا مع أحمد لا تدرى حقا ً !! تبسمت ريهام وقالت لها : قد يأتى فى الغد هنا وحينها أخبريه بما تريدين يا مها ، والآن هى بنا لنكمل جلستنا سوياً لا داعى لكل هذا التوتر أعتقد أنه يأتى هنا باستمرار حينما نراه فلتعتذرى له عن الذى حدث منك اليوم، هيا بنا فالوقت يمضى بسرعة وقبل أن تكمل كلامها سمعت صوت هاتفها المحمول فأجابت عليه سريعاً كان والدها يسأل عنها ويريد أن تقابله فى الشركة بعد قليل فأجابت عليه بالإيجاب وإنها فى الطريق إليه ، وأغلقت الهاتف وأستأذنت من صديقتيها وأسرعت لسيارتها ولا يزال الحديث مع أحمد يشغل تفكيرها وما هى إلا عشر دقائق وقد وصلت إلى مقر إحدى شركات والدها وأوقفت سيارتها ونزلت سريعاً ودخلت إلى البناية الكبيرة التى بها الشركة وصعدت فى المصعد إلى الطابق السادس حيث يكون مكتب والدها وتوجهت إلى مكتبه مباشرة وطرقت الباب فأستقبلتها سكرتيرة والدها الخاصة بإبتسامة رقيقة، وهى تقول لها بأن والدها فى إنتظارها وفتحت لها باب الغرفة ودخلت مها لوالدها الذى كان يطالع أحد التقارير أمامه وتركه بمجرد رؤيتها وقام من مكتبه ليستقبل إبنته وأحتضنها بحنان كبير وجلسا سويا على أريكة وثيرة وهو يبتسم ويسألها عن أخبارها فأجابته بإنها بخير حال وأنه لم يترك لها شيئأ إلا وفعله لكى تكون سعيدة فى حياتها ، تبسم والدها وقال لها : لقد تعبت كثيراً فى حياتى لكى أصبح على ما أنا عليه يا مها ولا يوجد سواكٍ فى حياتى مع والدتك ولا أريد سوى أن تكونى سعيدة فى حياتك مهما كلفنى الأمر فكل شيئ سيكون لك فى النهاية وبالفعل أنا طلبت حضورك إلى هنا كى أعرض عليك أمراً ولا أعرف إن كان هذا الأمر سيروق لكِ أم لا ، نظرت إليه مها بتمعن متبسمة وهى تسأله عما يخفيه عنها، فابتسم وقال لها : أنا مثل كل الآباء فى هذه الدنيا أريد أن أفرح بك ولقد طلب منى أحد أصدقائى يدك لإبنه وهو شاب ممتاز جداا ويعمل فى سفارة مصر فى فرنسا كملحق ثقافى هناك فما رأيك يا مها ؟ هل أطلب منهم ان يأتوا غدا للتعارف وأعرف بعدها رأيك فيه ، صمتت برهة مها قبل أن تقول لوالدها : لا بأس يا أبى مادمت ترى أنه مناسب ولكن لنجعلها فى نهاية الأسبوع لكى أرتب نفسى وأستعد لهذه الزيارة ، احتضنها والدها وهو يقول لها : أنت نعم الأبنة حبيبتى هيا بنا لنصعد سوياً إلى المنزل فوالدتك تنتظرنا منذ ساعة وخرجت مها مع والدها من المكتب وتوجها إلى المصعد وصعدا إلى الطابق العاشر فهذه البناية بأكلمها كانت ملك والدها بها طابقين كمكاتب للشركة وطابق به مكتب والدها وحده وطابقين كمخازن للشركة ومن الطابق السابع وحتى العاشر شقتها التى جهزها والدها لها وهناك طابقين للشقة الخاصة بهم جميعا ، دخلت مها ووالدها إلى الشقة فوجدت والدتها أمامها فأحتضنتها وقبلتها وقالت لهم سريعاً لتستعدوا فالطعام جاهز ولا أريد أن يبرد هيا سريعاً ، دخلت مها لغرفتها لتبدل ثيابها وفجأة تذكرت ما حدث مع أحمد فى النادى اليوم وسرحت قليلاً ثم سمعت والدتها تنادى فخرجت سريعا وجلست جوار والدها وهم يضحكون أثناء تناول الطعام ثم بعد إنتهوا إستاذنت والديها وذهبت لغرفتها لكى تنام قامت فقبلت والدتها ووالدها ودخلت لغرفتها وقبل أن تغمض عينيها رأت صورة أحمد أمام عينيها فأطبقت جفنيها ونامت .
توجه أحمد إلى منزله بعد أن خرج مع زميله علاء وودعه وركب سيارة أجرة متوجها لمنزله ودخل للمنزل وهو متجهم الوجه فرأته والدته على غير عادته فسألته عن الذى حدث معه فقال لها :سأخبرك يا أمى ولكن دعينى الآن أبدل ثيابى وبعدها أتحدث معك فى كل شيئ وبالفعل أبدل ثيابه وخرج من غرفته وتناول مع والدته الطعام ثم قام ليساعدها فطلبت منه البقاء والراحة حتى تعد له الشاى وبعد قليل جلست والدته معه وسألته عن الذى يعكر صفوه اليوم فأخبرها أحمد بكل ما حدث خلال اليوم الماضى وما حدث منذ قليل بالنادى وأخبرها بأنها من عائلة كبيرة جداا وصعب الوصول إليها ولكن كل ما يضايقه أسلوبها فلم يكن يتوقع منها هذا أبداً ، فهو رأها رقيقة بشدة كالملاك وهذا ما دفعه للكلام معها ، ربتت والدته على كتفيه وقالت له : لا تحزن يا أحمد فهى الخاسرة فأنت تستحق الخير الكثير يا أبنى ويوماً ستجد من تعطيك السعادة وتكمل معك باقى الحياة ، هيا لا تضيع الوقت لتدخل إلى مكتبك لتكمل ما بدأته من الرواية الأولى التى تكتبها ولا تنسى حلمك الكبير بأن تصبح كاتباً مشهوراً فى يوم من الأيام لا تنساه أبدا يا أحمد هذا الحلم ، نسى أحمد بالفعل كل شيىء وتذكر بالفعل ما كان يريده منذ وقت طويل أن يكون كاتبا ً كبيرأ مثل الأدباء الكبار فى بلده والوطن العربى ودخل لمكتبه وأمسك بقلمه ليكمل ما بدأه فى روايته الأولى وأخذ يكتب ويكتب حتى شعر بالتعب فنظر إلى ساعته كانت قد تجاوزت منتصف الليل بقليل ، فتوجه إلى غرفته لينام لكى يستطيع الذهاب لعمله فى الصباح الباكر وأغمض عينيه وراح فى سبات عميق.
نهاية الجزء الثانى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق