الجمعة، 20 أبريل 2018

أدراج الريح قصة قصيرة : بقلم / علي حزين


أدراج الريح 
قصة قصيرة : بقلم / علي حزين 
ظل واقفاً منتظر الأوامر..عدل من هندامه .. رفع رأسه.. ونتيه .. من جهة اليمين .. كان الصوت جهورياً .. كموج البحر الهادر.. لم يلتفت اليه ...
ــ أرقد ..!!
لم يفكر.. نسي كل شيء ..إلا كلام المُعلم .. وهو يشرح له خطورة الموقف الذي هو واقف فيه .. دارة الدنيا برأسه .. نسي حبيبته .. وأمه , وأبيه .. والناس أجمعين .. في تلك ألحظة الرهيبة .. فالموقف صعب .. ولا يسمح بالتفكير.. كان يجب عليه ان يكن يقظاً .. منتبهاً وإلا سيكن في خبر كان .. ما زال الصوت يدوي..في محيط إذنيه..وهو ينظر إليها..وهي راقدة أمامه في سكون رهيب .. وهي مستسلمة تماماً ....
ــ الغلطة بفورة يا حلو ...!!
نظر إليها , وهي راقدة أمامه.. فوق " البطانية ".. تثيره , تغريه .. لم يُطِل إليها النظر..رفع رأسه للسماء..تمتم بكلماتٍ غير واضحةٍ.. وفي نفسه خيفة منها .. حدثته نفسه بأشياء كثيرة جداً .. رجع للوراء .. بخطوةٍ مطربة .. كاد أن يوالي .. هم بالفرار.. لكن الصوت .. الذي يأمره .. من جهة اليمين ينهره بشده .......... 
ــ يا غبي ارقد بجوارها ....؟ !!
اهتز كنخلة في مهب الريح .. وهو يتهاوي عليها .. رقد بجوارها لم يلمسها .. غض من بصره برهة .. انتفض كعصفور بلله المطر .. " البارحة أتته أمه. في المنام باكية ..فأخذ يبكي معها ..وهو لا يدري ..لم البكاء .. وفجأة رأي كأن أباه قد مات .. فذادت حدت بكاءه .. كثيراً ما يأتيه هذا الحلم , المفزع الذي طالما أعياه ..البحث عن تفسيره .. في الكتب الصفراء المتآكلة .. كل الذي وصل إليه من علم .. انه يكره أبويه .. ويحبهما في نفس الوقت " .. استيقظ فذعا .. قلقاً فهو لا يرغب أن يمتد الحلم .. أكثر من هذا.. استعاذ بالله من شره .. تفل عن شماله ثلاث.. شعر بالحنين يفت في عظامه .. ويمزق شغف فؤاده .. شوقاً الي مسقط رأسه.. تذكر انه لم ينزل بلدته.. منذ ثلاثون يوماً , شهراً كاملاً .. نهض قائماً .. ارتدى حذاءه , وسترته .. نظر في ساعة يده .. كانت الثانية صباحاً .. لم يوقد المصباح .. تلفت حوله .. الكل يغط في سباتٍ عميق .. والشخير ينبعث من فوق الأسرة ..ابتسم في نفسه .. كان نفس الصوت يأتيه من جهة اليمين .. لم يلتفت إليه.. فالحركة محسوبة عليه .. بطرف عينه الشمال .. نظر إلي من بجواره .. كان منبطحاً مثله.. وهو يضحك عليه .. امسكها بين يديه.. نظر إلي الهدف ..استجمع كل قواه وأشحذ همته , وعقله.. ضغط ماخرتها في تجويف كتفه أليسري .. أغلق عينه اليمني .. كتم نفسه .. مرر شعاع البصر من "الناشنكان " الخلفي إلي أعلى سن الدبانه .. ضبط .. أسفل منتصف الهدف .. توقع الانفجار .. رآها تبكي أمامه .. حينها ضعف ..أمام قطرات الندي ..التي تسيل فوق وجنتيها البرجوازية .. ليسقي الورد الصابح .. وهي تضغط علي شفتها العنابي.. بصف لولي ناصع ..اخرج بيده منديلاً ورقياً ..دفعة إليها بحنان .. فرفضت اليد الممدودة إليها بلطف.. متعللة بأن المنديل فراق .. فأردف دعيه لذكري كان مشفقاً , محباً ,متيماً ..وكان ينجح من أجلها.. طلبها من أبيها ذات يوم وكانت صغيرة ,لا تتعدي السادسة عشر .. لحظتها كانت تتسمع حوارهما من خلف الباب .. حينها تعلل أبيها .. بأنها لم تزل صغيرة .. وبأنه لم يزل في الجامعة..والعمر طويل ممتد..وحين تخرجّ من الجامعة..وأصبح الناس ينظرون إليه نظرة .. مختلفة تماماً عما قبل ..وذهب إلي أبيها ليفي بوعده لكن أباها لا سامحه الله رفض ..سبع سنوات كان مخدوعاً في حبه.. دمرته وحطمت أحلامه..التي بناها في الخيال.. واكتشف أن فحبه لها كان أعرج وفي أخر لقاء بينهما .. سخرة منه , وضحكت عليه .. تنفس نفساً عميقاً .. ظل صامتاً .. لا يتكلم .. والدم يغلي في عروقه ..عندما رآها تقهقه ساخرةً منه.. أغمض عينيه أليمنه .. وضغط عليها بكل قوة.. فزغردت .. ثم رماها من يده ونظر إليها .. وهي فارغة , تافه , لا تساوي شيئاً.. وهو منبطح فوقها.. عندها شعر بارتياح غريب .. تنفس نفساً عميقاً .. ابتسم في نفسه .. وقد رُسمت علي شفتيها ابتسامة رضي عليه .. وأحس بأنه قد انتصر عليها .. منتظراً يأتيه الصوت من جهة اليمين .. بالأمر
ــ أمن , ونهض .....؟
رفع فمها للفضاء .. ضغط على الزناد .. رفع الساقطة .. نهض يعدل من سترته .. وحزامه المنسلت عن وسطه .. ووقف سابتاً بلا حركة .. منتظراً الصوت يأتيه بالأمر من جهة اليمين .
ــ لليمين دور ....
رآها تسير بجواره .. تقلد مشيته .. معيبة عليه .. وساخرة منه , ومازحة يبتهج في نفسه..متمنياً أن يمسك يدها .. ينظر إليها بطرفٍ خفي .. تضحك تجري أمامه .. وهي تخرج له لسانها.. يمد يده ليمسك بها .. يأتيه الصوت من أمامه يقيده 
ــ " قف " .... ؟؟!! 
يتسمر مكانه .. يسحب يده بسرعة .. يرفعها علي جبهته .. بطنها للأرض وظهرها للسماء .. ومن أقرب طريق يرميها مكانها .. بعدما يعد ثلاث .. ويثبت كالمسمار فوق الأرض .. منتظراً النتيجة من صاحب الصوت .. الذي كان يأتيه .. من جهة اليمين .. رفع رأسه معتز بنفسه .. مبتسماً في سعادة بالغة .. يشعر بالفخر .. 
ــ واحد ..؟ 
ــ أفندم ...؟ 
ــ صفر يا غبي ... ؟!!
نكس رأسه خجلاً وقد تبخرت .. الابتسامة أدراج الريح .. قعد خلف الصفوف .. وسط رفاقه.. أشعل سيجارة في الخباسه .. شرد قليلاً .. في وجوم .. داعبه الرفاق .. الحائرون .. في أمر ه .. فقد عودهم علي الفكاهة والمرح .. داعبوه ثانية حتى أضحكوه بصوت عالي .. فضحكوا منه , وعليه .. وهو يضحك معهم .. و .....!!!
LikeShow More Reactions

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق