الأربعاء، 1 فبراير 2017

جذور ثقافية " سيرة ذاتية " بقلم / يحيى محمد سمونة

23 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية"
يكتبها: يحيى محمد سمونة
كنا أصدقاء، و كنا نتحاور بكثير من الأريحية و من غير أن تكون بيننا مصالح يسعى كل واحد منا إلى تأكيدها لنفسه! بل الحوار بيننا آنذاك يحمل في طياته رغبة أكيدة في الوصول إلى نقاط اتفاق و تفاهم بعيدا عن تسلط و هيمنة و فرض للرأي. و لعل السبب الأهم في نزاهة حواراتنا كأصدقاء أننا لم نكن على تعصب و تشدد و لم تكن للواحد منا مآرب خفية يريد تحقيقها على حساب صداقة الجميع
لكنها ـ أي هذه الحوارات النزيهة ـ لم ترافقنا في مرحلة الدراسة الثانوية! و سبب ذلك أن المنطقة العربية عموما و القطر السوري على وجه الخصوص كان قد شهد في الفترة التي تلت حرب تشرين [أكتوبر] صراعات أيديلوجية غير مسبوقة! حيث بدأ يستفحل أمر المدارس الفكرية و الفلسفية و الأدبية و البهلوانية و المدارية بشكل ملفت و مخيف و ذلك بالنظر لما يحمله من تفرقة و تمزيق للمجتمع و الأمة! [إن شئت فانظر في أمر تلك المدارس إلى الدعوات القومية و العلمانية و الوجودية و غيرها كثير، و الفرق الرياضية، و أشياخ الفلك و الأبراج، و قراء الطالع و الكف و الفنجان] حيث أصبح لهذه كلها زوايا مخصصة في الصحف و المجلات و عموم الدوريات! و غدت تلك الزوايا من الأهمية بمكان في مجتمع تجلت فيه التناقضات و الانتماءات لتلك المدارس التي أطاحت بوحدة الصف و جعلت الناس تكتلات و شراذم قد اعتراها الوهن و دبت فيها الفرقة 
قال لي صديقي عبد الباسط و كنا طلابا في الصف الثاني ثانوي [سنة1974] سيزورني في البيت اليوم أستاذ طاهر [هو أستاذ الفلسفة و كان يحمل يومها أمارات الفكر الشيوعي] و لا بأس من تواجدك تغني اللقاء بشيء من الحيوية و تضفي بعض النشاط على جلستنا و لعلك تستطيع مواجهته بما يحمل من فكر ملتو، فوعدته خيرا و أنا على استعداد للحضور و سيكون ذلك من أسباب غبطتي أن أتمكن من مواجهة أستاذ طاهر و هو الرجل المتمكن من فلسفته و آرائه التي استحكمت في عقله و فكره!
لم أكن يومها سوى تلميذ خجول حيي يتلعثم في الكلام أمام من هو أقوى منه ! بل كنت أضعف بكثير من أن أصمد أمام هيمنة مهيمن أو أمام صاحب نظر ثاقب! و لم تكن مسألة مواجهة أستاذ ما في أمور فكرية بالأمر اليسير فضلا عن أن يكون هذا الأستاذ مدرسا لمادة الفلسفة و صاحب فكر عقائدي مخضرم بل إن فارق السن والاحترام المطلوب بين تلميذ وأستاذ يجعل الحوار أكثر صعوبة
ـ يحيى محمد سمونة.حلب ـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق