الفتـن وحياة الأمة
الفتن مهمة فى حياة الأمة ، فلولاها ما عرف الرجال من أشباههم ، وما عرف المنافقون مما سواهم ، والصادقون فى إيمانهم من الكاذبين . والفتن إذا حلت بساحتها حلت عمياء صماء مطبقة ، يصير الناس فيها – بلا عقول – كالأنعام . كل هذا وذاك يدل على بالغ أمر موضوع الفتن وأهميتها وبشاعة وقعها وعظم شأنها ، وشدة هولها . فسنة الحياة الدنيا والبشر فيها ، تجعل من المستحيل أن يخلو المرء فيها من فتن وكوارث تصيبه ، ومحن وشدائد تحل بساحته ، فكم يخفق له عمل ، أو يخيب له أمل ، أو يموت له حبيب ، أو يمرض له بدن أو قريب ، أو يفقد منه مال ، إلى آخر ما يفيض به نهر الحياة ، وليست كل فتنة نذير شر وهلاك ، بل قد يكون افتتان المؤمن وابتلاؤه دليل خير لا نذير شر ، فالمرء مفتون بالخير والشر ، والسراء والضراء ، والغنى والفقر ، والمرض والعافية . فدراسة موضوع الفتن وعرضها واستخراج العبرة منها من القضايا المهمة فى حياة المسلمين ، أما الغفلة أو التغافل عنها ، ونسيانها فهذا أمر خطير جد خطير . وشر أيما شر للفرد والأمة . والإسلام حرص من وراء تنبيه المسلم إلى الفتن وعلامتها ومقدمتها وأزمانها وأماكنها وأناسبها وأحوالها وأهدافها ليكون المسلم على بينه مما يظهر أمامه على ساحة الحياة . فهو لا يفاجأ بما يظهر أمامه لأن إسلامه قد علمه أمر هذه الفتـــن . ولذا كان حقاً على كل عالم أن يشيع أشراطها ، ويبث الأحاديث والأخبار الواردة فيها بين الأنام ، ويسررها مرة بعد أخرى على العوام ، فعسى أن ينتبهوا عن بعض الذنوب ، ويلين منهم بعض القلوب ، وينتبهوا من الغفلة ، ويغتنموا المهلة قبل الوهلة . وان من سنن الله تعالى فى خلقه ابتلاءهم وتعريضهم للفتنة ، حتى يعلم الذين صدقوا منهم ويعلم الكاذبين . وكقوم موسى وفتنة فرعون لهم ، وغيرهم من المؤمنين فى غابر الأزمان . بيد أن هذا الافتتان والابتلاء يبتلى به المؤمن على قدر ما عنده من الإيمان ، فيفتتن العبد على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الارض ، وما عليه من خطيئة . والله سبحانه وتعالى يبتلى ويمتحن الخلق بعضهم ببعض ، فيمتحن الرسل بالمرسل اليهم ، ودعوتهم إلى الحق والصبر على أذاهم ، وتحمل المشاق فى تبليغهم رسالات ربهم . وامتحن المرسل إليهم بالرسل . وامتحن العلماء بالجهال ، وامتحن الجهال بالعلماء ، وامتحن الأغنياء بالفقراء ، والفقراء بالأغنياء ، وامتحن الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال وامتحن الإنسان بنفسه ، لأن العبد فى هذه الدار مفتون بشهواته ونفسه الأمارة ، وذلك باتباعه واندراجه تحت أحضان شهواته ، فيكون رهيناً لها ، فيفتن بنفسه ، ويهلكها بالفتنة بشتى أنواعهــــــا .
الأديــب / الشاعــر
فوزى فهمـــى محمـد غنيــم
Fawzyfahmymohamed@yahoo.com
Fawzyfahmymohamed@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق