الجمعة، 16 سبتمبر 2016

البحث عن هوية قراءة نقدية في مسرحية ( الجدار ) تأليف / عادل أحمد الناقد / عاطف عز الدين عبد الفتاح


البحث عن هوية
قراءة نقدية في 
مسرحية ( الجدار )
تأليف / عادل أحمد
الناقد / عاطف عز الدين عبد الفتاح
مسرحية ( الجدار ) للكاتب المسرحي عادل أحمد هي مسرحية رمزية تنتمي للمذهب التعبيري .
عنوان المسرحية :
العنوان هو عتبة النص كما يرى الناقد الدكتور محمد عبد المطلب ، وعنوان المسرحية هو ( الجدار ) ؛ و ( الجدار ) هو فاصل بين شيئين ، كما إن الجدار يمثل سدا وعازلا بيننا وبين الآخرين ليكون الجدار حائلا ، ومانعا لرؤيتنا لمعرفة ما يدار خلفه .
وتقوم فكرة مسرحية ( الجدار ) على هدم ( جدار ) يمثل عائقا أمام " صابر " بطل المسرحية الذي يعانى من وجود " الجدار " ، فيقرر صابر هدمه بأي وسيلة من الوسائل ؛ فيتعرض صابر لمضايقات " انتيكا "
إن شخصية " صابر " تمثل الإنسان المصري في العصر الحديث الذي يبحث عن مواكبة التقدم العلمي و الحضاري : لكنه يصطدم بوجود " انتيكا " الذي يمثل كل القوى المعادية التي تحاول إعاقتنا كما يتبين في مفتتح المسرحية :
( يسلط الضوء في منتصف المسرح على صابر ، وهو يجلس القرفصاء 
صوت انتيكا : انت عايز ايه ... ؟ ( يتكرر الصوت من جهات مختلفة من المسرح )
صابر : ( يتلفت يمينا ويسارا ) .... أهد الجدار 
صوت : ليه ..... ؟
صابر : ( لنفسه ) اشوف نهاية للطريق ده
( يظهر انتيكا ؛ تبدو عليه علامات القسوة )
صابر : عايز اعدي 
انتيكا : ( باستهزاء ) و انت شايف نفسك تقدر تعدى ....... ؟ 
صابر : اقدر ..... 
انتيكا : ( بسخرية ) انت بتحلم
صابر : ( باستغراب ) وايه المانع انى أحلم
انتيكا : احلم ..... ( مهددا ) بس احلم على قدك 
صابر : حتى الحلم كمان له مقاسات 
انتيكا : مقاسات وزمن .... لو طال زمن حلمك .... يموت )
ومن خلال المذهب التعبيري يقدم الكاتب المسرحي عادل أحمد رؤيته الفنية للواقع ، فيقدم لنا شخصية ( انتيكا ) الذي يتحكم فى الطريق رافضا أن يقوم " صابر " بهد الجدار ؛ ف " انتيكا " يتشابه مع شخصية " شايلوك " في مسرحية ( تاجر البندقية ) لوليم شكسبير ، ففي مسرحية ( الجدار ) يصر " انتيكا " على شراء رأس " صابر " ، وهو ما يذكرنا برواية ( الرجل الذي باع رأسه ) للروائي الراحل الدكتور يوسف عزالدين عيسى ، وبرواية ( الرجل الذي باع عظامه ) للروائي اليوناني نيقولا نيقولائيدس .
وفى مسرحية ( الجدار ) يتفق " انتيكا " مع أطفال الشارع : ( يارا ونورا وياسمينة وحوكشة وحتاتة ) على أن يشترى رؤوسهم ليعطيهم ثقلها ذهبا ، فيختار صابرا ليكون صاحب أول رأس يشتريها منهم ، فيثور صابر ، كما يتبين فى الحوار التالى : 
( صابر : يعنى ايه ؟ ( باستغراب ) أبيع راسي ؟ الفكرة من الأساس ..... مش فكرتكم .. دى فكرته هو ... ورأس واحدة تجيب التانية و .... التالتة ... وحتاخد ملايين منكم ... دى كارثة ... دى مصيبة 
يارا : احنا ادينا كلمة 
صابر : الكلمة مش دستور و لا قانون ... وحتى لو كانت دستور او ....... قانون يتغير..( مؤكدا ) ده رهان ....والمقصود به دماغى 
نورا : دماغك كبيرة ياعم صابر ووزنها يفك ازمتنا كلنا (تستعطفه ) ........ ضحى ياراجل ...فين المروءة .؟.....................
حتاته : ( يقترب منه برفق ) ضحى با راجل ..... فين الشهامة ؟
انتيكا: كل ده رغى فى الفاضى ....لايقدم ولا يأخر ...القضية منتهية ....... والحكم صدر وانتهى الامر ..... )
شخصية " عزيزة " :
إن شخصية " عزيزة " من الشخصيات الهامة في مسرحية " الجدار " فهي زوجة " صابر " بطل المسرحية، وهى رمز لمصر ، فهي مرهقة ومتعبة من واقعنا الأليم ، تبحث عن أولادها الضائعين 
وفى الجزء التالي من المسرحية تتعجب " عزيزة " من أولادها ، فعندما عثرت عليهم لا يعرفونها ، فتدرك أنهم فقدوا هويتهم وانتماءهم :
( عزيزة : لو انتوا مش عارفينى يبقى عليه العوض ... أنا عزيزة ... عزيزة اللى مكتوب عليها دايمن تعيش أرملة ( بحزن ) كل ما أتجوز واحد يموت يا إما مقتول أومسموم ( بحسرة ) أو بمصيبة .( تشير إلى أولادها ) والسبب أنتم والخيانة ... عزيزة اللى نفسها تفرح بجوزها وعيالها ... )
إن مسرحية ( الجدار ) تأليف عادل أحمد تقدم لنا كاتبا مسرحيا نراه جديرا بتسليط الضوء عليه وعلى كل المبدعين والمتميّزين لعلّنا نُعيد للمسرح ازدهاره
الناقد عاطف عز الدين عبد الفتاح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق