تسكع......
....
اتسكع...كالضباب المتلاشي
طريقي يزيد طولا...يمتد
يبتعد كرمح ...والليل يغشي
الظلام يتساقط رويدا
ينتفض سعال الاشجار الباسقات...
يتيه الانين بين الدروب آهات
ينشد اغنية للضائعين بين الطرقات
والكل نيام.....في سبات
هواء يطفئ لهيب قلبي المحموم....
كشمعة امام ريح تهب نسمات
قدماي تلتويان....كسفينة شراع....
ارهقها الموج من قوة الرطمات
الالم الخائن يبسط جناحيه...
يلج صدري كأنين الهواء القارس
وانا.....اسير وحيدا.....
بشارع الهوى وابواب موصدة....
خلف النوافد هناك .....عاشقة وفارس
وهنا.......شاعر يبكي...
يندب حظه البائس
وجسد يرتعش كفراشة دهبية...
تحوم حول أزهار المرج
كلما اقتربت من نافذة.......
رنت لنافدة لتشم رائحة بنفسج
......
اتسكع كضباب متلاشي...
اغمض عيني ...لاحلم بالغروب...
بالزوارق الراحلة عند المساء
انتشي بجرعة لفافة
اطرد حلقات الدخان بعيدا
وقلبي جريح...يدق بشدة
وفي حنجرتي يسكن بلبل اسود
يود أداء اغنية الشارع
فانا اعرف غيمه وسحابه
بسمته وكآبته
اجول.....وأجول وسط الصمت الرهيب
اتمنى لو اتجول في احياء اكثر حقارة
كي لا ارتعش وحيدا...
لارى القهر ...والدمع عصارة
حيث الظلمة ..والقمر اكثر استدارة
حيث الموت بحرية تحت النجوم
خلف النوافد تسكن الهموم
غرف مفروشة بجتث ابادتها السموم
اتمنى لو اجول حيث حانة الوطن المهموم
حيث الكل يبحث عن الجريمة....
ونساء بخسة السوم
حيث الشبيبة الساقطة
وصوت تمزق القمصان
صخب يخترق الشوارع كالسرطان
هناك.....نتتاءب ونشكي
ونقدف لفائفنا باتجاه النجوم
نتحدث عن الحزن والشهوة
هناك......حيث البشر ميت وسائر
نطل بحرية خلف الستائر
لنرى خليلا لانثاه يسامر
.....
اتسكع كضباب متلاشي
اقف...انصت...اشاهد...ادخن في الظلام
افترض....اتخيل....دون كلام
اشرب ضوء المكان
وليس لي النبض الكافي لاندفع للامام
خفقان قلب اوشك على التوقف
وبعض جوارحي الصدئة
ولم اعد املك الا مستقطع ....
من وقت قبل الشروق
وحبر قلم من صبواته تخرج نداءاتي
اقف بين عمودين لاجبر ضلي ......
على الرسو في رحاب النور
فقلبي لن يرضى بما ترتضيه الخليقة
...ادخن.....آخر سيجارة....وارمي
بلفافة طويلة باتجاه نجمة الفجر الكئيب
لاعود لاناملي المشققة من الخط
واكتب......بعنوان سقيم
(الدنيا انثى...والليل ذكر)
وحدها ترسم نزواتها
وما كنت بزائر
بل جسدي في مهب النداء انصهر
....
اتسكع كضباب متلاشي
والريح تشرب الانفاس
وانفاسي تراود سهوها
وخطواتي تحرج صمت الشارع
طوحت بي فيما وراء الكلام
وصوت من جهة مجهولة....يأتي
يوقف التنفس
يرمم شروخ الصمت
وانا برفق اهدهد هدنة المكان
ويداي شغالتان على جوالي
تكتب قصة (شارع ومتسكع)
رشيد أبوديبة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق