{ عصفور الموت }
يا أيها الطفل المغدور
لا تقل إنك أخرس أو أطرش
إني أعلم إن لعبة الموت
جعلت فكرك
تائهًا
مشتتًا
مشوشًا
متلشلشا
وأصبحتُ ضمن سحابات الموت تطوف
كشارب الخمر المنتعش
.......... 2
تدور ... وتدور
تبحث عن زهرة طفولتك اليانعة الضائعة
المنبثقة من بين أضلع التشرُّد
وشواهد وجوه القبور المتجعدة
وصمت أطلال جسور وطن المحبة
المهدمة المعدمة
وبين أزقة أحلامك الفخارية المتبشبشة
..........3
يا أيها العصفور المغدور
من صائدي طيور الحياة
لاحق أنفاسك الهاربة الاهثة
من جرحك المسكوب
لعلَّك تحضى بزهرتك البائسة
بين شواهد القبور المزركشة
فإن رأيتها
قل لها...... أن تُسلِّمَ
فهناك أجسادٌ تغفو متألمة
أخذتها غدراً ذات مساء
أيادي الموت المتوحشة
أنظر حولك ..... وتحمَّد
فهناك قبر أحمدَ
وذاكَ قبر عليَّ
وَذَا عيسَ وبجانبه شاهد معروفَ
وهناك قبورًا
لـ فاطمةَ وزينبَ وسارةَ ومريمَ
وقبور آخرى بالألوف
أكل الضهر معالمها وشواهدها هشَّم
............4
أني أعلم إن صور الموت
سرقت ما فاهك حبال الصوت
وأضاعت بين ركامها وركامك ... حلمك المعرَّش
أني أعلم
أنك كفرت بشموع أعيادگ
وبعصائر احتفالات ميلادك
وبقالب حلواك
ومن صرختك الآولى المنهكة
الباكية الجاهشة
..........5
أني أعلم يا عصفور المحرقة
إن القهر وشم
على جسدك العاري المُرتق
ألف صورة وصورة قهر
ولم تعد طير الشمس االمشرق
المغرد على وجه قطن أرض الكنانة
وتبني عِشاشك بين المأذن والصلبان
لم تعد تثمل من كؤوس عسل اليمن
وتعزف داخل بهو مملكته الألحان
لتفيض من ثغره شهد الأشواق
........6
يا أيها العصفور المشتاق
لم تعد تلاحق ( جوبيات )
صيادو سمك الرافدين وتُطرب إهتزازًا
وتغازل قصب ( الأهواز )
وترقص طروباً على أفنان نخيل بغداد
في عرس العراق
........... 7
يا عصفور دمشق
لم تعد تُواعد ياسمينة عشقك
بين أنفاس الأزقة
وترمي لها من فوق المآذن
أوراق الرياحين
كلما القلب دقَّ
فياسمنتك قد اقُتلعت
وبني مكانها خندقا
وناعورة حماكَ
قد حلَّ على أنفسها التعب
وقلبها من الحسرة تعرَّق
لم تعد تغسل ظفائرها
بمياه الذهب
ولم تعد تسمع قدودها
وتلتف مع رقصها الصوفي
وتدور معها طروبة
ولم تعد تنتظر زائريها بشوقٍ عند الغروب
...........8
إني أعلم أيها العصفور الضائع
إن عقلك يرفض أن يكون طفلاً
في هذا الواقع
فكل ما في وطنك
أصبح في عينك
عالم ملعون ..... ملعون .... ملعون
مجنون متوحِّش
تحكمه عصابات داعش
وسلة من الشياطين المرتزقة
علاء الغريب / كاتب صحفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق