41 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية"
يكتبها: يحيى محمد سمونة
لم تكن مسألة اختفاء الأقلام ذات العمق الثقافي الفاعل في ساحة الثقافة العربية عفوية أو بسبب عقم رحم ثقافة العرب عن إنجاب طلائع و رواد و عظماء، بل على العكس من ذلك فإن أرض العروبة لا تزال لديها قابلية أن ترفد المجتمع الدولي عموما بقامات ثقافية سواء في العلم و الفكر و المعرفة و الأدب تناطح السحاب و يتقازم أمامها رجال لا يزال الإعلام المسيس يجعل منهم عمالقة علم و فكر و أدب!
ذات يوم ـ في العقدين الأخيرين من القرن العشرين ـ قرأت مقالا في إحدى الدوريات العربية المطبوعة، بعنوان: مرض عصري اسمه الطاعة. !! فيه يتحدث الكاتب [ هو علماني النزعة ] عن أن آفة العرب في عصرهم هذا و مرضهم الذي أدى إلى أفول نجمهم إلى غير رجعة! هي الطاعة! حيث المراة تطيع زوجها و الولد يطيع والده و الجندي يطيع القائد و هكذا إلى أن يصل إلى مسألة خنوع الشعب و طاعته للديكتاتور !!
و طبعا بغض النظر عن صحة أو عدم صحة هذه الفكرة و ما تحمله من توجيهات سليمة أو غير سليمة فإن غرضي من استعراض هذا الكلام القول بأنه في تلك الآونة بدأت وجوه جديدة ذات طابع لا ديني تتبوأ مكان الإدارة في الدوريات العربية المطبوعة ذات الشهرة الواسعة! و جاء ذلك كردة فعل على ظهور بذرة تطرف في الفكر الديني الذي بدأ يتبنى فكرة مقارعة الأنظمة المستبدة و ما ينجم و يلزم عنها من انحلال أخلاقى في المجتمعات العربية !
و إذن فإن استبدال رؤساء تحرير الدوريات العربية ذات الصلة بالثقافة و الأدب و السياسة بأصحاب توجه علماني إنما جاء بناء على تعليمات جهات وصائية لا تريد بهذه الأمة خيرا ! لا لكون الفكر العلماني هو البديل الصحيح لفكر مهيمن متزمت، بال ـ بحسب رأيهم ـ بل لأن المجتمعات العربية لا بد لها أن تستمر في حالة هياج و توتر على صعيد الثقافة و الفكر و السلوك
لقد حاولت بعد قراءتي للمقالة المنشورة التي حدثتكم عنها آنفا أن أكتب ردا منطقيا و موضوعيا مناسبا لها غير أنني كنت قد صادفت صديقا لي صحفيا قال لي بأنه قام بالرد على تلك المقالة لم يجد لذلك آذانا صاغية! ذلك أنه ثمة تناغم فكري بين الكاتب صاحب المقال و طاقم رئاسة تحرير المجلة الجديد الذي غدا يقيس الأمور بمقاساته وفقا لإعتبارات سياسية و فلسفية وفكرية ضيقة الأفق! يلزم عنها إيجاد شرخ بين أصالة الثقافة و الفكر و بين السلوك السوي
ـ يحيى محمد سمونة.حلب ـ

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق