الأربعاء، 31 أغسطس 2016

#تكوين_شاعر_الرؤية_الفنان بقلم #ياسرنور


وإذا كان الشاعر كفنان – قديمًا وحديثًا - يستمد مادته الخام في شأن تشكيل القصيدة من اللغة والموسيقى ، فمن أي المصادر يستمد الشاعر الحديث ويستلهم الأفكار أو المضامين التي يتلبسها سحر خياله الشعري لتصبح كائنًا حيًا نابضًا هو القصيدة ؟ ..
هنا يبادر الشاعر صلاح عبد الصبور ليسعفنا بالإجابة ، تلك التي نجدها مبثوثة في مواضع متفرقة من كتاباته الغزيرة – التي هي مقالات صحفية في أغلبها – إذ تتلخص عنده مصادر إمداد الشاعر فيما يمتلكه – أو يجب أن يمتلكه – من وجهة نظر وقضية وروح ثائرة وفلسفة وتأمل ..
ومن ثم يقول في الأولى أن :
" فنان العصر الحديث وشاعره لابد أن تكون له وجهة نظر في الحياة ، وذلك بعد أن يعرف لغته معرفة جيدة وبعد أن تحيط ثقافته بالتيارات الفكرية المختلفة في عالمه " ..
وفي الثانية يقول أن :
" القضية العظيمة لا تصنع شاعرًا عظيمًا ، بل لابد أن تتغلغل هذه القضية في نفس الفنان ، وتمتزج به كما يمتزج الماء وضوء الشمس والتراب في النبات لتصنع كلها هذا اللون الأخضر " ..
كما يقول في الثالثة أنه :
" لابد للفنان العظيم من روح الثائر . حتى يستطيع أن ينسلخ عن واقعه الشعري إلى واقع أفضل منه وأكثر إلهامًا " ..
وعن الرابعة يؤكد على أن يكون للشاعر وجهة نظر عامة في مشكلات الكون الكبرى
ويضيف موضحًا :
" أو بتعبير عصري أن تكون للشاعر فلسفة ، ولا نعني بالفلسفة هنا أن يكون الشاعر فيلسوفًا أو قارئ فلسفة ، بل أن يكون له تصور خاص للكون تصنعه ثقافته وقراءته وتجاربه ووراثته ومزاجه " ..
وأخيرًا يقول عن الخامسة أن :
" الشاعر لا يغني فحسب ، ولكنه يتأمل أيضًا . وأن الشاعر يستطيع أن يخلط غناءه وتأمله كما يختلط الجمال والذكاء في فرائد النساء " ..
ولعل ذلك كله يجمله صلاح عبد الصبور في توصيفه للشاعر بأنه صاحب " رؤية " لا مجرد عارض " آراء " ، إذ يعبر عن ذلك في قوله البديع بأنه :
" ينبغي أن يتمثل الشاعر أفكاره لتتحول في نفسه إلى رؤى وصور كما يتمثل النبات ضوء الشمس ليتحول إلى خضرة مظللة وزاهية . فالشاعر لا يعرض آراء ، لكنه يعرض رؤية " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق