بسم الله الرحمن الرحيم
الأوائل في النساء أم حرام شهيدة البحر
"قبر المرأة الصالحة"/3
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن
بادي ذي بدي لسنا قبوريين كما يشاع ،فنحن نعبد الله ولا نشرك بالله أحدا,,, إلا أننا نحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم، ونزورهم امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم" ( كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا)وهي سنة والهدف من الزيارة "فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ" والدعاء للميت فقط، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى البقيع فيقول( السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ ، غَدًا مُؤَجَّلُونَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ) نعود إلى جناب أم حرام بكل احترام، فقد دفنت في مدينة "ليماسول" القديمة القريبة من مدينة لارْنَاكا-قبرص، عند جامع " لارناكا الكبير"، وليومنا هذا مازال أهل تلك الديار يطلقون عليها قبر المرأة الصالحة، هنيئا لمن يشهد له الخلق بالصلاح وخاصة أم حرام فهي تستحق ذلك، وبما أن الأتراك أو غير الناطقين باللغة العربية يلفظون الخاء هاء فيقولون مسجد هالة سلطان أي خالة سلطان، وفعلا هي خالة للرسول صلى الله عليه وسلم بالرضاعة كما تنطق عن غير قصد، وتمر الأيام بحلوها ومرها ويتبدل أهلها ويتغير الناس ويخسرون تلك الديار المفتوحة لهم بتقصيرهم، ولا نقول ابكي كالنساء على مُلك لم تحافظ عليه كالرجال، لأن تلك الأوائل من النساء هن اللواتي سطرنا الشهادة والفتوحات وبقين منارة عالية في الأحياء والأموات، ولكن غفلتنا وتراجعنا ونسيان أمجادنا أوصلنا لهذه الحال فأصبحنا آخر الركب، ويشهد لذلك جبير بن نفير قال: ولما فتحت قبرص وأخذ منها السبي نظرت إلى أبي الدرداء يبكي، فقلت : ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأذل الكفر وأهله، قال : فضرب منكبي بيده، وقال : ثكلتك أمك يا جبير، ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره، بينما هي أمة ظاهرة قاهرة للناس لهم الملك، إذ تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى، فسلط الله عليهم السباء، وإذا سلط الله السباء على قوم فليس له فيهم حاجة" نظرة بعيد من أبي الدرداء يا ترى تنطبق على حال هذه الأمة، قال الله تعالى " فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم " حتى الجزيرة اصبحت جزيرتان بين الأتراك واليونان ولها حاكمان دليل الأطماع فيها، وإذا مررنا في تلك الديار زوار خاصة في هذه الأيام التي يكثر فيها السياحة والترفيه والترف، فعلى المسلمين أن يمر بقبر المرأة الصالحة ويتذكروا الأيام الخالية ويترحموا على شيخوختها وهي بهذا السن المتقدم وقد تركت الديار والأهل والأحفاد وجاءت من قلب الصحراء العربية والكثبان الرملية إلى السواحل البحرية تحمل شعلة الأيمان الإسلامية وبقيت ترفعها ليومنا هذا، أيتها الأجيال العربية المسلمة هذه أمكم أم حرام تطلب منكم العودة إلى حاضرة الإسلام، ومما يؤسف له أن موقع قبر المرأة الصالحة قد وقع في الشطر اليوناني وأصبح المسجد مباح وقبلة للسياح وأخذ الصور أمام مقامها فقط للذكرى، ولم يعد مسجدها ينطلق من أعالي مآذنه ذكر الله ورسوله ونحن في سبات كالأموات فعدد الدول العربيّة اثنتين وعشرين دولة عدا الدول الإسلامية لقد أَسمعتَ لو ناديتَ حيّاً*** ولكن لا حياةَ لمن تُنادي ولو نارٌ نفحتَ بها أضاءت*** ولكن أنتَ تنفُخُ في رَمَادِ هذه صفحة عز وفخر لأم حرام وأختها أم سُليم وقد كان لها فيما سلف تكريم، وأبوها ملحان وشقيقيها سُليم وحرام شهداء، وهي أم الشهيد قيس وزوجة والده الشهيد عمرو، وأمها مُليكة من بني النجار أسلمت، وزوجة المجاهد عبادة بن الصامت المقيم في أرض فلسطين، حقا أنها أسرة كلها شهداء هذه هي الشجرة المباركة لأم حرام أصلها ثابت وفرعها في السماء لكي يستظل بظلها كل المحبين لأصحاب الرسول الكريم عليه الصلاة والتسليم ورضي الله عنهم أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق